الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أتحمل العصبية مما أدى لكرهي لأهلي ومن يعلمني!

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

مشكلتي أنني لا أتحمل العصبية، ولا أحب التعليم، ولا أتحمل من يعلمني يكون عصبيا، وأيضا أكره التدخل في شؤوني وكأني آلة يتحكمون بي، مثال على ذلك: قررت أن أتعلم قيادة السيارة، ولكن ما كنت مقنعته بالمدربة لأن والدي أجبرني على العقد، وأنا لا أريد العقد بل أريد بساعات؛ لأن المدربة إنسانة لا تطاق، فلا أريد رؤيتها كل يوم؛ لأنها عصبية، كما أنني أصاب بقلق؛ أصحو الفجر ولا أستطيع العودة للنوم؛ لذلك فضلت أن أتعلم بساعات وليس بالعقد، فالعقد يجبرني أن أذهب يوميا للتعلم، فهذا يسبب لي القلق كثيرا.

أمي كرهتها؛ لأنها وقفت معي ولكن ما إن تكلمت أختي وقالت إن كل المدربات عصبيات، وإنه من الأفضل أن أتعلم بالعقد انقلبت أمي علي، عندها أصابني القهر كثيرا، وكرهتها، ودعيت عليها بالموت؛ لأنها لا تقف معي إلا نفاقا وليس لديها شخصية، تتأثر بالكلام بسهولة، صرخت في وجهها؛ لأنها لا تقدر وتتكلم عني بكلام سلبي، لدرجة أن أخواتي يكرهوني بسببها هي.

شرحت لوالدي ولكنه مصر أن أكمل معها وبالعقد، غضبت وتمنيت أن يموت هو الآخر، كرهت حياتي بسببهم، وأصبحت مترددة في قبول الخاطب، خفت أن يعاقبني الله فيه، ويعاملني معاملة سيئة بسبب كرهي لأهلي، مع أن الحق معي، فأمي حنونة لكنها منافقة ضعيفة ليس لها كلمة واحدة، مثال: سألتها
هل تذهبين معنا لبيت أختي؟ في البداية وافقت ولكن دخلت لغرفة أخواتي وأصبحت تتكلم وتقول: إني أجبرتها على الذهاب، هنا تأكدت أن أمي مريضة نفسيا، فهي هكذا تبث السموم لأخواتي وتجعلهم يكرهونني بلا سبب، أنا فعلا لم أجبرها على الذهاب فقط سألتها، هذا غير الكثير من المواقف التي تحصل وكأني عدو مثلا: أنا لم أخيط عباءة منذ سنوات، وأردت تفصيل عباءة جديدة، فاخترت العباءة، وأخي الأكبر دفع الحساب، أما هي لم تسكت وأصرت أن تعرف القيمة، لماذا تسأل عن القيمة؟ هل أنا من الشارع؟ ما الجريمة التي ارتكبها أخي عندما اشتري لي عباءة على حسابه؟! مع أن المبلغ قليل، وأصبحت تقول غالية. كرهتها، وأصبحت أشتمها في داخلي.

أعتذر عن الإطالة، ولكن احترت كيف أتعامل معها وأجبرها على احترام قراري أو أن تكف عن التحدث عني بكلام سلبي أمام أخواتي، مع أن الدكتور محمد عبدالعليم قال: إنني لا أحتاج للدواء، وأنا أثق في نصيحته ولكن نتيجة استيقاظي مبكرا يسبب لي القلق فأصاب بمزاج متعكر، ما نصيحتكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك هذه حملت مؤشرات كثيرة مهمة أعتقد أن درجة الانفعالية والعصبية لديك عالية جداً، والذي أزعجني حقيقة هو مشاعرك نحو والدتك ووصفها بالنفاق، قد لا يكون أمراً مقبولاً أبداً مهما كانت تصرفاتها حيالك ومهما كانت مشاعرك أنت، فأرجو أن تتكرمي وتضعي شيئاً من الحدود لطريقة تفكيرك وطريقة نظرتك للآخرين خاصة الوالدين.

وبالنسبة للمدربة أيضاً يجب أن تنظري لها نظرة إيجابية حتى وإن كانت عصبية، أو انفعالية، أو متشددة، فكل إنسان يعلمنا شيء في الحياة يجب أن نكن له التقدير هذا مهم جداً، وانطلاقاً من هذا المبدأ العظيم وبالتدبر فيه واحترامه أعتقد أنك تستطيعين أن تغييري من طريقة تفكيرك حول قيادة السيارة، ومن مدربك، وكيفية التدريب، من علمنا صاحب فضل علينا أي شيء، فأرجو أن تأخذي الأمور بهذه الكيفية.

وفي ذات الوقت حتى وإن عصبت وكانت شديدة معك؛ فهي لا تريد لك غير الخير، تريدك أن تتعلمي، تريدك أن تحسي بسلطة المعلم، لأن المعلم أيضاً يجب أن تكون له سلطة، والمعلم الذي ليست له سلطة وليست له كياسة في التعامل مع المتدرب لا أعتقد أنه سوف يكون مفيداً.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنا أعتقد أنك تعانين من درجة عالية من العصاب والعصبية وربما شيء من الاضطراب الشخصية، أتصور أن ما أوردته في كلامك هذا قد يكون فيه مؤشر لمعانتك بما يعرف من سمات الشخصية القلقية والشخصية التجنبية، والشخصية الحدية؛ هذا كله ربما ينطبق عليك، ولذا أريدك أن تذهبي وتقابلي طبيباً نفسياً؛ هذا مهم جداً -والحمد لله- تعالى هم كثر في الأردن، والطبيب سوف يضع التشخيص، ومن ثم توضع لك الآليات العلاجية، وأتفق معك أنك في حاجة لعلاج دوائي يهدئ من الروع ويمتص الغضب وحالة الانفعال السلبي التي تعانين منها، وبعد ذلك تدخلي في برامج سلوكية لكيفية التعامل مع الآخرين، وكيفية تطوير الذات، وقبول الذات، وأعتقد أن انخراطك في برامج رياضية مثلاً سوف تفيدك، لأن الرياضة تمتص الكثير من طاقات الغضب، وأنت مطالبة أيضاً أن تجعلي لحياتك معنى وقيمة من الذي تودين القيام به وكيف تصلين إلى أهدافك.

وأعتقد أن بناء نسيج اجتماعي جيد من خلال التعرف على الصالحات من الشابات ومن النساء، والالتحاق بأحد المراكز الثقافية أو أحد مراكز تحفيظ القرآن؛ هذا كله يعطيك -حقيقة- مرونة في التفكير، ومرونة في التعامل مع الآخرين، وكيفية قبول الآخر.

أنا أريدك أيضاً -أيتها الابنة الفاضلة- أن تقرئي كثيراً عن الذكاء العاطفي وما يعرف بالذكاء الوجداني، الذكاء الوجداني من العلوم المهمة جداً، وهو علم مستحدث، ولا يقل أبداً عن الذكاء الاكاديمي أو الذكاء التعليمي، والذكاء العاطفي باختصار هو الذي من خلاله نتعلم كيف نتعامل إيجابياً مع أنفسنا، وكيف نتعامل إيجابياً مع الآخرين، فأنت محتاجة لتدارس هذا العلم، ومن أشهر الكتب التي كتبت كتبها رائد هذا العلم دانيال جولدمان 1995، واسم الكتاب الذكاء العاطفي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً