الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترسبات الطفولة جعلتني ضعيف الشخصية والذاكرة.

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 25 سنة، نشأت حياة طفولية صعبة غرست في نفسي الخوف من كل شيء، كنت أخاف من الكلام مع زملائي في المدرسة حتى لا أتعرض للسخرية، حيث كنت أعاني من التأتأة، وهذا سبب لي ضعفا في الشخصية، وتعرضت للعنف والضرب والتهديد وأنا صغير.

كنت من الطلبة المتفوقين جدا، ومع مرور السنوات تراجع مستواي الدراسي، وازدادت عندي صعوبة الحفظ.

أكملت دراستي الجامعية، وكنت أعرف إجابة الأسئلة أثناء الشرح، لكني لا أجيب خوفا من سخرية الطلاب.

حاليا أعاني من قلق وحزن دائم، وكثرة التبول، وضعف الذاكرة، لا أستطيع حفظ سطر من الكلمات، وأشعر بالإحباط والخوف من الكلام أمام الناس، ورجفة في القدمين واليدين عند الضغط عليهم، أشعر أن رأسي فارغ تماما، وأتوقع الأسوأ في كل تفاصيل حياتي، مثلا لو رأيت طفلا صغيرا يلعب أتوقع أنه سوف يقع وتنكسر يده، وأخاف جدا من الصراصير، وكثير النسيان، ولا أثق في نفسي.

أجريت فحوصات طبية، وكانت النتائج سليمة، وتناولت أوميغا وفيتامينات b12 لتقوية الذاكرة، فما سبب حالتي؟

أرجو الإفادة، وبارك الله فيكم، وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن ما وصفت في رسالتك من صعوبة الكلام مع المعلمين وفي الصف، وأمام الطلاب بالرغم من معرفتك بالجواب، وغيرها؛ هي من أعراض حالة الارتباك أو الرهاب الاجتماعي هذا، ولذلك فأنت تتجنب الحديث أو حتى اللقاء بالناس بالرغم من أنك شاب اجتماعي ومقتدر، وهذا التجنب، كتجنب الحديث مع الآخرين وتقديم الإجابات هو لبّ المشكلة، فالتجنب لا يحل هذه الصعوبة وإنما يزيدها ويقويها، فكلما انسحبت من الكلام كلما زادت المشكلة أكثر فأكثر.

وفي بعض الحالات يمكن أن نعرف سبب هذا الرهاب الاجتماعي، وفي معظم الحالات قد لا نكتشف السبب الواضح وراء تطور حالة الرهاب هذه، وهذا لا يعني أنه غير موجود، وإنما هو غير واضح تماما.

ولا شك أن هناك علاقة مباشرة بين تجارب طفولتك وبعض الأحداث الصادمة، مما جعلك تشعر بالحساسية والارتباك بعض الشيء أمام الناس، سواء الرهاب والارتباك أو التأتأة، الأمر الذي يمكن أن يفسر هذا الرهاب، ونفس الشيء فيما يتعلق بقلقك مما يمكن أن يحدث في المستقبل.

فما الحل؟
مارس عملك ودراستك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من التغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بنمط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، واعمل على عدم التجنب والهروب والانسحاب، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك، مما يشجعك على الاختلاط مع الآخرين بشكل أفضل.

وكما ذكرت، فبدل التجنب أو الهروب والانسحاب، أقبل على الناس وتحدث معهم، هذا إذا شعرت بالحاجة للحديث، ولكن لا تجبر نفسك على الحديث، فالحديث وسيلة وليس غاية بحدّ ذاته.

لا أعتقد أنك تحتاج لمراجعة طبيب نفسي في هذه المرحلة، ومن المحتمل أن يخف عندك هذا الارتباك من تلقاء نفسه، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها كالحديث مع الناس والنظر في أعينهم، ولكن إذا طال الحال أو اشتدت أعراض ما تشعر به من أعراض فقد يفيد مراجعة الطبيب النفسي عندكم ممن يمكن أن يقدم لك بعض الإرشادات النفسية المطلوبة، وربما يشجعك على تناول أحد الأدوية المفيدة في حالات الرهاب.

وفقك الله ويسر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً