الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني شخص لم يعجبني شكله وأخشى من الاستمرار معه، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، تقدم لخطبتي شاب خلوق، لكن لم يعجبني بسبب شكله، فبالرغم من هذا قبلت وقرأت فاتحتي عليه (بدون دخلة) ولكن الآن كلما رأيته لا أستطيع حتى النظر في وجهه، وقد صارحت أهلي بأني لا أريد الزواج منه، ولكنهم رفضوا متحججين بأن الله هو من خلقه ويجب ألا أعترض بسبب الشكل، وكذلك بأن الناس سيضحكون علي وسيتحدثون عني؛ لأني قد خُطبت من قبل من شابين آخرين، الأول فسخت لنفس السبب، والثاني هو من تركني.

أنا خائفة من عقاب الله إذا تركته، وخائفة إذا واصلت الزواج ألا أستطيع أن أكون له زوجة تسعده وبذلك أغضب الله، فأنا أعرف أن الزوجة إذا عصت الزوج لن تشم رائحة الجنة.

فأرجوكم ساعدوني على إيجاد طريقة، لأني فعلا أشعر بالضياع والحزن طول الوقت، فصدقوني قد أدخلت الحزن حتى على أفراد عائلتي، فماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حميدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن العين تعشق الجمال وتنفر من غير الجميل، وتلك فطرة فطر الله الناس عليها، غير أن الجمال يتفاوت ولا أظن أن زوجك قبيح لدرجة أنك لا تقدرين النظر إليه، هذا إن كان كما قلت، بدليل أنك رأيته قبل العقد ووافقت عليه والنفور أمر طارئ.

ابنتي الكريمة: أخشى أن الشيطان الرجيم هو من يقذف في قلبك هذه الخواطر يريد أن يكرهك بكل من يتقدم إليك بحجج واهية؛ لأنه لا يحب العفاف، وهذا سيؤثر على سمعتك بين الناس، ولن يقرع بابكم أحد بعد ذلك.

العمر يمضي وعما قريب ستدخلين سن الثلاثين، فإن لم تتداركي نفسك فأخشى أن يفوتك قطار الزواج، ومن ثم تندمين ولات ساعة مندم.

جمال الرجال ليس بوجوههم وإنما بقوة إيمانهم ودماثة أخلاقهم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). لو بقيت تبحثين عن جمال وجه الرجل وتقارنين بالآخرين فلن تتزوجي؛ لأن الناس يتفاوتون في ذلك والقناعة كنز لا يفنى.

الزواج رزق من الله ويسير وفق قضاء الله وقدره، فمن كان قدره الله ليكون زوجا لك فسيكون ولن يكون لك أي خيار جميلا كان أو غير جميل، وما عليك إلا أن ترضي بقضاء الله وقدره، لأن من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، ( فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).

صل صلاة الاستخارة، وادعي بالدعاء المأثور، وفوضي أمرك إلى الله، ولن يختار الله لك إلا ما فيه الخير، فإن سارت بقية أموركم إلى يوم الزفاف بيسر وسهولة، فهذا يعني أن الله اختاره زوجا لك، وإن تعسرت من جهته واعتذر عن المواصلة، فذلك يعني أن الله صرفه عنك.

اعرضي نفسك على راق أمين وثقة بحضور أحد محارمك، فإني أخشى أن يكون ثمة عمل يصرفك عن الزواج، فإن تبين ذلك فواصلي الرقية حتى تشفي بإذن الله تعالى.

لو كان لك أي اعتراض على شكل زوجك فلم لم ترفضيه قبل العقد، فمن العيب في حقك بعد العقد أن تفسخيه، ولعل الله يعاقبك بعدم التوفيق.

لا تعط لنفسك رسائل سلبية لأن عقلك يتبرمج وفقها وينتج عن ذلك سلوكيات تجاه زوجك ومنها النفرة والكره، ولكن انظري في صفاته الحسنة، واغمري تلك الصفة التي فيها نقص في بحرها.

اقتربي من زوجك وتعرفي على صفاته وسلوكياته، فلعل ذلك يريح بالك، فالجمال الحقيقي هو جمال الروح، وكوني مثل تلك الفتاة الجميلة التي زوجها والدها برجل أسود، فحمدت الله على ذلك، وأيقنت أن ذلك ابتلاء من الله لها وابتلاء لزوجها، فلما حمد كل منهما ربه اطمأنت قلوبهما وعاشا في سعادة غامرة.

الزمي الاستغفار يزل همك ويحل محله السعادة، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، ويرضيك به والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً