الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعاطف مع الناس إلى درجة الإصابة بالقلق، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر ٣٩ عاما، ولدي مشكلة مزمنة وهي أنني أتعاطف مع مشاكل الآخرين بشكل كبير، تصل إلى أن أحمل همهم بطريقة تجعلني شديد القلق، وكثير التفكير لدرجة قد تمنعي من الذهاب إلى العمل أو التواصل مع أحد، خصوصا إذا كانت المشكلة تخص أحد إخواني، أو أخواتي، أو والدي ووالدتي.

راجعت أكثر من طبيب نفسي، وشخصوا حالتي باضطراب القلق العام، وكذلك راجعت معالجا سلوكيا، ولكنني لم أستفد منه أبدا، ثم راجعت آخر وهو معالج تحليلي وحتى الآن لم أجد نتيجة.

الآن أتناول سيتالوجين ٨٠ ملغ مساء، وفيكسال اك ار ١٥٠ ملغ صباحا، ونصف حبة ميرزاجين ٧.٥ ملغ مساء، أرجو إرشادي عن أفضل طريقة للعلاج هل هي سلوكية، أم تحليلية، أم غيرها؟ وما رأيكم في الدواء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حاتم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أخي الكريم: الرحمة في القلوب أمر جيد، وهي مطلوبة، وأن تتعاطف مع مشاكل الآخرين أرجو ألا تعتبر ذلك أمرًا سيئًا، لكن أتفق معك إذا كان الأمر مبالغ فيه للدرجة التي يُعطّلك فكريًا ووجدانيًا، ويُسبب لك المزيد من القلق، فهنا تكون العلة علة مرتبطة بالشخصية، وقطعًا غير مُحببة.

أخي الكريم: أنا أعتقد أن هذه الخصلة أو هذه السمة قد تكون مرتبطة بنشأتك، أو أنك قد تعرَّضتَ لتجارب معيَّنة ثبَّتت في وجدانك وتفكيرك ومنظومتك الفكرية والوجدانية والقيمية الداخلية التأثُّر الشديد بما يقع على الناس، وأقول لك أن هذا الأمر ليس أمرًا سيئًا، هذا من ناحية.

ولتتلخص منه أو لتُقلل من حِدَّته دائمًا انظر إلى الأمور بأنك لا تستطيع أن توزع عواطفك على جميع الناس، لا، تقوم بما هو معقول في حدود ما هو معقول وبالكيفية المعقولة، لمساعدة الآخرين، للتعاطف مع الآخرين، واعرفْ واعلم – أخي الكريم – أن حتى التعاطف القلبي فيه خير، ليس من الضروري أن يكون هذا التعاطف عن طريق الأفعال إذا لم تستطع أن تقوم بذلك.

الأمر الآخر: أنا أعتقد أنك لو بدأت وانخرطت في أعمال تطوعية وأعمال خيرية، هذا سوف يُساعدك على أن تنشر وجدانك الإيجابي على عددٍ كبيرٍ من الناس، وهذا سوف يعود عليك بخير كبير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم)، وقال: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).

أخي الكريم: أنت لديك شحنات كبيرة من العاطفة الوجدانية الإيجابية، لن تجد المنافذ المطلوبة، وأعتقد أن العمل الخيري أو العمل التطوعي سوف يكون منفذًا إيجابيًا وجيدًا بالنسبة لك.

أراك تتناول الكثير من الأدوية، لا أرى سببًا وجيهًا لذلك، لكن قطعًا الأمر متروك لتناقشه مع طبيبك. هي أدوية جيدة ومضادة للاكتئاب في معظمها، لكنِّي أراها متشابهة ومتطابقة لدرجة كبيرة، هل أنت في حاجة إليها أم لا؟ هذا – أخي الكريم – سؤال يُجيب عليه طبيبك الذي قام بوصفها.

أخي الكريم: الإرشادات السلوكية هي على النهج الذي ذكرته لك، وأهم شيء أن تكون إيجابي الأفعال، والمشاعر، والأفكار، وأن تُحسن إدارة وقتك، وأن تكون شخصًا متطورًا، أسوأ شيء ألا يطور الإنسان نفسه، التطور في المجال الفكري، في مجال الأعمال، في مجال اكتساب المهارات، هذا كله أمرٌ جيد وأمرٌ مفيد – أخي الكريم – وقطعًا الحرص على صلواتك في وقتها، وصلة الرحم، والتفاني من أجل الأسرة، هذا سوف يعود عليك بخير كثير، وكما ذكرتُ لك: الشحنات العاطفية الوجدانية المخزونة لديك سوف تجد الطريق أو المنافذ التي تُوجِّهها التوجيه الصحيح، ممَّا يُقلل عليك الضغط النفسي الذي يأتيك من كثرة التعاطف على الآخرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً