الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتي وأنا مترددة بسبب ما كان يحدث بيننا من خلافات!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، تعرفت على شاب منذ ٨ سنوات، كنت وقتها صغيرة، وأعترف بخطئي، ولكنه كان جادا، ويريد التقدم لخطبتي، ولكن دائما ما نتشاجر، وتحدث خلافات لا نتفق فيها، دعوت الله مرارا أن يصرفه عني إذا لم يكن به خير لي، وصليت الاستخارة مرتين، ولا أقدر على تمييز ما أشعر به من انقباض الصدر أو انشراحه، فماذا أفعل؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nagham حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

قبل الإجابة على سؤالك ، لا بد أن أقف معك وقفة مع رأي الشرع في العلاقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج؛ فالمستشار مؤتمن.

فهذه علاقة لا يقرها الشرع، ولا يوافق عليها، سواء كانت على أرض الواقع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها علاقة خطيرة محفوفة بالشبهات والمخاطر، وقد تنتهي إلى ما لا تحمد عقباه.

فقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الحلالَ بيِّن، وإن الحرامَ بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقعَ في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه البخاري ومسلم.

كما أن للعلماء وقفة مع الحب وأنواعه لا بد من الوقوف، منها: نوعٌ يقع في القلب بدون إرادة، كأن يرى الشاب فتاةً فيقع حبها في قلبه؛ فهذا الحبُّ ينبغي أن ينضبط بضوابط الشرع، وليس له طريقٌ حلالٌ إلا واحد، وذلك إن كانت هناك إمكانية للزواج بها فليطلبها من أهلها، ويتزوجها على سنة الله ورسوله، قال تعالى: {وأتُوا البيوتَ من أبوابها} وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما رأيتُ للمتحابينِ مثل النكاح) رواه ابن ماجة.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء، وهو قطع الأعناق والظهور، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، ويقول إنه يرغب في زواجها، بل ينبغي أن يخبر وليها أنه يريد زواجها، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه، كما فعل عمر -رضي الله عنه- حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان -رضي الله عنهما-، وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل: فهذا محل فتنة".

وذكرت في رسالتك أن علاقتك مع هذا الشاب تعود إلى 8 سنوات، والغريب أنه جاد حسب تعبيرك، ومع ذلك لم يتقدم لخطبتك طوال هذه السنوات، ثم إن كانت الخلافات والمشاكل بينكما منذ الآن فماذا تتوقعين أن يكون الأمر بعد الخطبة والزواج؟ أليس من المحتمل أن يكون هو من يفتعل سبباً للخلاف والشجار، كلما ألححت عليه بموضوع الخطبة والزواج؟!

ومن هنا أنصحك بما يلي:

1- عليك أن تخبري أهلك بهذه العلاقة، وأن تعطي الشاب الفرصة الأخيرة، وتكون مرهونة بوقت محدد ليتقدم إلى أهلك وتأخذ العلاقة بينكما طابع الشرعية، فإن لم يتقدم خلال الفترة المحددة أنصحك أن تقطعي العلاقة معه نهائياً، فلا يجوز شرعاً أن تستمر العلاقة بينكما أكثر من ذلك.

2- من هذه اللحظة التي تقرئين فيها هذه الكلمات لا بد أن تتخذي قراراً حازماً في الابتعاد وقطع كافة الاتصال بينكما، وتعطي نفسك فرصة للتعود على البعد، فإن كان جاداً فاشترطي الاتصال مع الأهل مباشرة، ولا تحدثيه حتى يتم الأمر شرعاً.

3- استمري في صلاة الاستخارة فإن تيسر أمر الخطبة فهو خير، وإن تعثر بخلافات ومشاكل فاعلمي أن الله صرفه عنك لأنه لا خير فيه، وأن الأيام القادمة تخبىء لك ما هو أجمل.

4- التزمي الصلوات في أوقاتها، وليكن لك وردٌ من الذكر، ومن القرآن الكريم، وألحي بالدعاء وتحري ساعات الإجابة أن يختار الله لك الخير حيث كان، ويصرف هذا الشاب عنك إن كان لا خير فيه.

أسأل الله أن يرزقك زواجا صالحاً تكونين قرة عينه وقلبه ويكون قرة عينك وقلبك، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً