الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في حزن بسبب عدم التوفيق بوظيفة أو إنجاب!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة ومتخرجة من الكلية، لكن لم يكتب لي لا وظيفة ولا أطفال بسبب عقم زوجي، وقد قمت بعملية الأنابيب ثلاث مرات.

كرهت حياتي وكرهت نفسي، وتألمت وبكيت، لكني لم أشتك لأحد، حتى زوجي إذا جاء الليل بكيت ووضعت بيني وبينه حاجزًا حتى لا يسمع بكائي. ودعوت ربي، لكن -الحمدلله- لم يتحقق دعائي، ولعل في الأمر خيرًا.

أكثر ما أتعبني أمي؛ فهي سبب التعاسة؛ ففي كل عملية تنتظر النتيجة، وعندما تفشل تحزن وتزعل رغم الألم الذي بداخلي، وأبكي من داخلي بسبب فشل العملية، لكني ما كنت أبين لها، وكنت أقول: الحمد لله. وأضحك "وأسولف" حتى لا تحس أني حزينة، وبمجرد أن أذهب لبيتي أبكي، لكن أيضًا تظل أمي حزينة ومتضايقة بسببي، وليس بيدي شيء لكي أسعدها.

حتى الوظيفة التي أتمنى أن تأتي لكي تسعد أمي وتأنس لم تأت بعد، فمنذ 15 سنة متخرجة ولم أتوظف، كل الذين حولي توظفوا إلا أنا، وأردد أمامهم: الحمد لله لعلها خيرة. لكن بمجرد أن أكون لحالي أبكي وأدعو.

صار الكل يشك في ويقولون: أنت لا تدعين. وأنا والله أدعو، لكن ربي لم يرد لي ذلك، وإذا جلست لحالي بكيت.

لا أدري ما سبب عدم توفيقي! هل هو محبة من الله وابتلاء لأصبر، أما عقاب وذنب؟ ويعلم الله أني ما عمري اشتكيت لأحد، ودائمًا مبتسمة، وأحمد الله، والكل كان يقول لا تزعلي، فأقول: لست زعلانة، وأنا راضية -والحمد لله-.

هل بكائي فيه اعتراض بعدم الرضا؟ وهل أعمالي تقربني إلى الله؟ فأنا أصلي الليل وأدعو، وأريد الالتحاق بتحفيظ القرآن بالحرم -دعواتكم أن يسر الله لي الالتحاق-، أريد شيئًا من هذا الدنيا وهو محبة الله، فذلك يكفيني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، والجواب على ما ذكرت يكمن في الآتي:

- بداية: نقدر الظروف التي تمرين بها، ولكن هذه الظروف لن تستمر بإذن الله، وعليك إحسان الظن بالله، فالله لطيف بعباده رحيم بهم، واعلمي أن ما يحدث لك إنما هو ابتلاء من الله تعالى، ويجب عليك أن تعلمي أن ما يجري لك فهو بقضاء الله وقدره، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والوجب عليك الصبر، واحتساب الأجر من الله تعالى، ولا شك أنك فعلت ذلك.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له) رواه مسلم.

الذي يصبر في حال الابتلاء له فضل عظيم عند الله تعالى قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة آية ١٥٥]، وقال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [سورة الزمر آية ١٠].

- ومهما كان الكرب شديدا والمشكلات عظيمة، فإن المخرج منها يسير، فلا بد من التفاؤل والدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فقد ورد في السنة أدعية كثيرة بوب لها أهل العلم بأدعية الكرب، ومنها الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وقول حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (من قالها سبعا حين يصبح وحين يمسي إلا كفاه الله هم الدنيا والآخرة).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه، دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.

- وجانب آخر من الحل: عليك الإكثار من الاستغفار فقد تكون هناك ذنوب خفية لا تعلمين عنها، ولا ينبغي تزكية النفس، بل الخطأ والذنب وارد على كل أحد، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [سورة الشورى آية ٣٠].

- أما مسألة تأخر الحمل؛ فهذا ابتلاء من الله تعالى، ولكن عليك بكثرة الاستغفار، والدعاء، والبكاء بين يدي الله تعالى فالله يجيب دعوة المضطر، والبكاء خاليا مشروع، وليس عليك أي حرج بشرط أن لا تتسخطي من قضاء الله وقدره، وعليك بالمزيد من بذل الأسباب التي قد يتحقق بها الحمل، ولكن إذا لم يحصل حمل فاعلمي أن هناك من لم يرزقها الله بمولود ولكن عاشت حياة طبيعية، مثل عائشة رضي الله عنها، فإنها لم ترزق بولد، فلك أسوة بها.

_ النصيحة الأخيرة: بعض الأسر التي تكثر عليهم المصائب أحيانا يكون لديهم سحر أو حسد، وقد لا ينطبق هذا على حالكم، لكن النصيحة أن تكثروا من قراءة الرقية الشرعية، فهي إن لم تنفعكم فلن تضركم، وأنت مأجورن مثابون، حيث إنها من القرآن والسنة، وعليكم أيضًا بكثرة الذكر، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وأبشروا بخير بإذن الله.

وفقكم الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أستراليا ريما

    اختي في الله .. اكثري من الاستغفار والتصدق والتوكل على الله .. ففيهم الخير الكثير .. اعرف شخصا لم يرزقه الله بالذرية الا بعد

  • مصر محمد

    جزاك ألله خيرا

  • سمية

    السلام عليكم لا تحزني يا اختي فاانا ايضا ابتليت في الدراسة رغم المجهودات التي ابذلها دائما ما يكون هناك مشكل مرض او اي شيء يجعلني اكرر السنة اضافة الى ابتلائناانا و اخوتي بابوين غير مبتلين بنا فامي تريد العيش كما تحب و اصبحت سمعتها مشوهة و ابي تركها و سافر خارج البلد ثم زوجي سيء العشرة حتى الناس تعجبوا لامري كيف اعيش معه و في الاخر رغم انجابي لبنت و ولد توفيت ابنتي و الحمد لله على نعمته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً