الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع سلوك ابننا السيء فهو عنيف وغير مبالي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابني عمره 6 سنوات، في الروضة كان يعاني من قلة الأصحاب لديه، ودائما يشكو لي لماذا لا يريد الأولاد صداقتي؟

والآن هو في الأول الابتدائي، وقد لاحظنا منذ ثلاثة أشهر أنه يتصرف بعنف مع أخيه الأصغر، وأصبح في المدرسة يتلفظ بكلمات وشتائم لا نرددها في البيت إطلاقا، وأصبح يضرب كل الطلاب، والمدرسات يشتكين منه.

صار غير مبال، فهو لا يستجيب لنا، ويقوم بأفعال خاطئة، ثم يعتذر مبتسما ويعود لتكرارها، لا نعرف كيف نتعامل معه، حتى بدأ والده بضربه وتعنيفه، علما أني أعمل فترتين في اليوم.

أرجوكم ساعدونا، ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قرأت رسالتك واستوقفتني جملة مهمة ألا وهي: "وكان يعاني من قلة الأصحاب لديه ودائما يشكو لي لماذا لا يريد الأولاد صداقتي؟".

بمعنى آخر أن طفلك يعاني من عدم تقبل الآخرين له، وهذا من أهم الأسباب التي تدفع الطفل إلى السلوك العدواني الذي ذكرت، بالإضافة إلى أسباب أخرى، لا بد من الوقوف عليها ودراستها لمعرفة ما هي الأسباب التي أدت بطفلك ليكون عدوانياً؟ ومنها ننطلق في حل المشكلة.

أبدأ معك من المشكلة الأولى ألا وهي: عدم تقبل أصدقائه له: لا بد أن تقومي بزيارة المدرسة ومعرفة الأسباب التي أدت لكون طفلك غير مقبولٍ، وبمعالجة الأسباب تتحسن حالة ولدك، ثم بأن تعلميه كيف يعامل الآخرين بود ولطف حتى يكسب صداقتهم، فهذا الموضوع يحتاج إلى علاج من البداية، حاولي أن تساعديه على كسب الصداقات من خلال مرافقته إلى الحديقة، وأن تطلبي منه أن يلعب مع الأطفال وفي الوقت نفسه تلاحظين سلوكه، وتقومين بتوجيهه وإرشاده إن لاحظت أخطاء في سلوكه، فإن استطاع كسب الصداقات هنا فهذا سيعزز ثقته بنفسه، ويجعله يكسب صداقات داخل المدرسة، فيخفف من سلوكه العدواني.

من أهم أسباب العدوانية عند الطفل الغيرة، فقد ذكرتِ أن لديه أخاً صغيراً، فربما هو يستحوذ على اهتمامك الأكبر من حيث الرعاية والاهتمام، وإظهار العطف والمحبة لاشعورياً، وهو يراقب ذلك كله مما ينعكس سلباً على نفسيته، فيشعر بالنقص العاطفي، ويعبر عنه بسلوكيات عدوانية من خلال رفض الأوامر، أو ارتكاب المخالفات، أو غير ذلك.

اعلمي أن الطفل يحتاج إلى الكثير من العاطفة والحنان، والحضن الدافئ فإن ذلك يعطيه الكثير من الطاقة الإيجابية، وكذلك حين تطبعين قبلة دافئة على جبينه، جربي معه هذه الطريقة وسترين نتائج باهرة، فحين يرفض الخروج معك، بدلاً من إعطاء الأوامر وتكرارها بشدة وحدة وصراخ، اجلسي إلى جانبه وضميه إليك، وأمسكي يده بحنان، واطبعي قبلة على جبينه، وتحدثي عن الأشياء المحببة التي من الممكن أن يجدها في المكان الذي تودين الذهاب إليه، وأنك تحبين مرافقته جداً، وأنك ستكونين حزينة إن لم يمسك يدك في الطريق، وسترين النتائج بإذن الله.

حذار من استخدام أسلوب الضرب أو الصراخ ولا سيما حين يضرب أخاه الصغير بل حاولي أن تلفتيه بأي طريقة محببة لديه، واطلبي منه أن يساعدك في الاهتمام به، في إعداد طعامه وغير ذلك فيشعر أنه المسؤول عنه فذلك يخفف كثيراً من عدوانيته اتجاهه.

خصصي له جزءاً من وقتك للَّعب معه، وركزي اهتمامك عليه، بعيداً عن أخيه الصغير، وحاوريه بهدوء لتفتحي له المجال ليعبر عن نفسه، وما هي الأشياء التي تزعجه وتدفعه ليكون عنيفاً مع الآخرين، فبدلا من معاقبته لأنه ضرب الآخرين حاولي أن تفهمي الأسباب، وتعالجي المشكلة فالصراخ أو حتى العتاب لن يجدي نفعاً معه لأن المشكلة ما زالت قائمة بالنسبة له.

كما أنبه على أمر هام وهو ألا تذكري رأي معلماته به أمامه، أو تفتحي المجال لمعلمته أن تتحدث أمامه عن سلبياته وسلوكه العدواني فذلك سيعزز السلوك العدواني لديه، وإنما اطلبي منها أن تتعاون معك، واعتمدا معاً مبدأ الثناء والمدح على أي تصرف إيجابي يقوم به مهما كان صغيراً سواء في البيت أو المدرسة، فهذا سيعزز ثقته بنفسه ويوجهه تحو التصرف السليم.

أحيانا تكون الطاقة الكامنة سبباً في اتجاه الطفل نحو السلوك العدواني، لذا حاولي أن تضمي طفلك إلى نادي يمارس من خلاله الرياضة التي يحبها، فممارسة الرياضة ستجعله يفرغ الشحنات السلبية التي يحملها وتجعله أكثر هدوء.

أبعديه قدر الإمكان عن متابعة برامج التلفاز أو الألعاب التي فيها عنف أو قتال، فالطفل بشكل تلقائي سيقوم بمحكاة ما يراه أمامه، إضافة إلى التأثير السلبي الذي تخلفه مشاهد العنف على الطفل.

وأخيراً عليك أن تعيدي النظر في مسألة عملك لفترتين مما يجعلك تغيبين عنه مدة من الزمن طويلة وتتركينه للآخرين ليقوموا بتربيته، فهذا له دور كبير في تربية الأولاد.

أسأل الله أن يجعله قرة عين لك، ويرزقك الحكمة والسداد في التعامل معه، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا بدر الغامدي

    معلومات مفيدة شكرا لكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً