الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقت بفتاة ولم أخبرها بذلك حتى صدمت بأنها تزوجت الآن.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أبلغ من العمر27سنة، أحببت زميلتي في الوظيفة، لكني كنت مترددا في إخبارها بمشاعري تجاهها، حيث كان ينتابني الخوف والخجل، على الرغم من أنها كانت ترسل مجموعة من الإشارات التي تدل على أنها متعلقة بي، لكن مؤخرا فوجئت بأنها تزوجت، وحامل كذلك، مما أصابني بالصدمة، وأصبحت نادما على عدم إخبارها بحبي لها، كما أصبحت أعاني من قلة النوم، وفقدان الشهية، وضعف التركيز، وألم في القلب، وضيق في التنفس، وأصبحت تسيطر على عقلي بشكل كامل، ترافقني أينما ذهبت، بل تلاحقني حتى في الحلم.

هذا كله بسبب إحساسي بالتقصير، حيث ترددت في الإفصاح عن مشاعري تجاهها حتى ضاعت؛ ولأنها أول فتاة أحببتها في حياتي، خاصة أنني كنت أرى جميع المواصفات التي كنت أبحث عنها اجتمعت فيها، ولكن الآن لا أعرف إن كنت سأجد مثلها أم لا، حيث أصبحت أحس بأن فرصة العمر ضاعت ولن أجد مثلها.

أرجوكم سيدي أن تجد لي حلا، فقد تكدرت حياتي، وما عدت أرى فتاة في الدنيا إلا هذه السيدة، وهذه الأزمة النفسية تتفاقم يوما بعد يوم، وأشكركم على طول بالكم في قراءة هذه الرسالة، وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو أن تتأمل معي هذه الآية الكريمة التي تعتبر أقوى قاعدة متينة في مجال العلاقة الزوجية، قال تعالى: [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21)] سورة الروم. فالزوجة رزق مقسوم قد قسمه الله لك، لا أحد على وجه الأرض يقدر أن يمحو ما كتبه الله، ولا أحد يستطيع أن يكتب ما لم يأذن به الله.

وفي سنن أبي داود والترمذيِّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم قال: "إنَّ أوَّل ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتُبُ يا رب؟ قال: اكْتُبْ مقاديرَ كُلِّ شيءٍ حتَّى تقومَ السَّاعة"، فكن واثقاً لو كانت هذه الفتاة من نصيبك لهيأ الله لك اللقاء بها، وجمع بينكما على خير.

وكونها قد تزوجت بشخص آخر، فهذا هو قدر الله تعالى الذي كتبه الله لها، ولا يمكن أن يتغير قضاء الله مهما غضبت أو لم تغضب.

وما ترددك في إخبارها عن حقيقة مشاعرك تجاهها، والخوف والخجل الذي كانت ينتابك إلا لأمر يريده الله، فلو أنك أخبرتها أنك تحبها وتود الارتباط بها، وكان الواقع أن هذا غير ممكن وصارحتك أنها مرتبطة أو مخطوبة لشاب آخر، فذلك سيكون شديد الوقع على نفسك، وستشعر بصدمة أكبر ألف مرة مما تعاني منه الآن.

وأما قولك: إن الفتاة كانت تبادلك الشعور نفسه، وترسل لك مجموعة من الإشارات التي تدل على تعلقها بك حسب تعبيرك، فربما أنت كنت متوهماً لذلك الوضع، وإلا لو كانت هذه افشارات حقيقية لما ارتبطت سريعاً بشاب آخر، ولما كانت تزوجت أصلاً، فالعاطفة هي المحرك الأساسي عند الفتاة، ولكانت مستعدة أن تنتظرك حتى ولو لم تفصح لها، فللفتيات استشعار عن بعد قادر على التقاط ذبذبات الحب حتى لو لم يبح بها المحب.

لذا أنصحك أن تهدئ من روعك، وتسكن، وتؤمن أنه لا خير في الجمع بينك وبين هذه الفتاة، ولو كانت خيرا لك ليسرها الله، نعم لقد ذكرتَ أنها تمتلك من الصفات ما تحب وتتمنى، ولكن هذا مجرد ظن منك؛ لأنك لم تعرفها عن قرب، فالتعامل عن بعد غير كاف لاكتشاف الشخصيات، وإنما لا بد من التعامل من قرب والاحتكاك، حينها فقط بإمكانك معرفة ما إذا كانت تمتلك الصفات التي تحبها أو لا.

أنصحك نصيحة هامة، وهي: أن تحسن الظن بالله أنه سبحانه وتعالى ما صرفها عنك إلا لأنه يخبئ لك الفتاة التي تناسبك أكثر منها، وتكون فيها من المواصفات ما تتمنى وزيادة.

لذلك عليك أن تتوقف عن الندم والحسرات، وتتوقف عن التفكير بها مباشرة، فإن ساق الخيال طيفها إليك فاصرفه عنك بأي طريقة، من خلال القيام بعمل ما، أو الخروج من البيت، وحذار من العزلة والوحدة؛ لأنها فرصة لتسرح مع خيالك وتركز في تفكيرك على تلك الفتاة في حركاتها وسكناتها، وربما يأخذك أبعد من ذلك فيوقعك في الحرام.

وهناك شيء هام أود أن ألفت نظرك إليه، وهو: أن هذه الفتاة الآن متزوجة، فضع نفسك مكان زوجها، هل كنت تحب أن يفكر أحدهم بزوجتك، ويراها السيدة الوحيدة في هذه الدنيا؟!
أكان سيرضيك أن تسكن قلب رجل آخر من حيث لا تدري؟! إذن اتق الله فيها، وكن على يقين أنه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً من كل هم وغم ، ويرزقك بالزوجة الصالحة من حيث لا تحتسب ولا تدري.

فالله سبحانه وتعالى رحيم بعباده رؤوف بهم.

ثم اعلم أن علاج أزمتك النفسية، وما تعاني منه من قلة النوم وفقدان الشهية وضعف التركيز وألم في القلب وضيق في التنفس، إنما علاجها الوحيد هو النسيان.

وإليك هذه الإشياء الستة مما يساعدك في النسيان:
1- الإكثار من الاستغفار.
2- اعلم أنك أنت من أذنت لها بملاحقتك في حركاتك وسكناتك ومنامك ويقظتك، وعليك أن تمتلك إرادة قوية، وتقرر قراراً حاسماً جازماً أن تنساها، وتقتطع تلك المرحلة من حياتك، فإن خطرت ببالك فاصرفها بالتفكير بأي شيء آخر.

3- مارس الرياضة ففيها تفريغ للطاقة السلبية، وتنشط خلايا الدماغ.

4- اطلب من الوالدة أن تبحث لك عن الزوجة مناسبة، واعلم أنها بانتظارك، ولن تكون لأحد سواك.

5- راقب الله سبحانه وتعالى في خواطرك وأفكارك، وتذكر: احفظ الله يحفظك.

6- أكثر من الدعاء مع الإلحاح وتحري ساعات الإجابة أن يرزقك بزوجة صالحة تقربها عينك.

أسأل الله أن يرزقك زوجة صالحة تقر بها عينك، ويرزقك قلباً راضياً ونفساً ساكنة مطمئنة، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً