الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب المعاملة السيئة أشعر أن الجميع يسخر مني

السؤال

السلام عليكم.

سعيد بالتواصل مع حضراتكم، وآسف للإطالة، أنا عمري 28 سنة، تعرضت في صغري لسوء معاملة من الوالد، سببت لي قلة ثقة في النفس، أدت إلى شعوري بأني أعامل بطريقة سيئة ممن حولي من باقي الأهل، حتى لو لم أعامل كذلك، أصبحت أعيش في حالة انطواء واكتئاب، ولم يكن لي أصدقاء إلى أن دخلت الجامعة، فزادت الحالة عندي، فقررت الذهاب لطبيب نفسي، ووصف لي أدوية اكتئاب لم تفد بشيء، بل بالعكس أحسست أنها تشعرني بالبلادة وقلة الثقة في النفس، وأيضا الاكتئاب الشديد، فتوقفت عنها ثم عدت مرة أخرى لزيارة طبيب نفسي آخر منذ سنة، وأخذت أدوية الاكتئاب مرة أخرى، وأيضا لم تفد بشيء غير أنها سببت لي قلقاً وكسلاً وخمولاً وقلة تركيز ونسيان.

ذهبت للطبيب مرة أخرى فوصف لي أدوية اكتئاب brentlix 2mg حبة يوميا، وأخرى wellbutrin 150 mg ولكن هذه المرة وصف لي كويتيكول (كويتباين 50mg) بعدها لم أعد أشعر بالاضطهاد، وأصبح تركيزي أفضل بنسبة كبيرة، تحديداً بعدما أوقفت أدوية الاكتئاب هذه، واستمريت على حبة الكويتيكول50 mg فقط يوميا، لكن حالياً سأوقفه تدريجياً لما سببه لي من خمول وكثرة النوم، ولأيام أشعر بالاكتئاب، وأيام أخرى لا، والآن لا آخذ أي شيء، سوى كوب تلبينة يومياً، لكن بلا نتيجة كبيرة، وما أحس به أن هناك أشخاصاً معينين يسخرون مني، ومن يقترب مني أحس أنه يقترب لغرض مصلحة معينة، وليس حباً فيّ، فأصبحت أكره نفسي، وثقتي في نفسي قليلة، ومشاعري مضطربة.

أحياناً أحس نظرات من حولي سخرية، وأشك في نوايا أغلب من حولي، وتركيزي قليل، وأخاف أن أبدي رأيي في مسألة معينة وسط زملائي في العمل خوفاً من الاستهزاء، وأدخل في أكثر من موضوع في نفس الوقت، وأشعر بقلق وتوتر، وأصبحت انطوائياً لا أحب الاختلاط، وعندما أقرأ شيئاً بتركيز بعدما أنتهي يصعب علي تذكر كل ما قرأته، وأثناء شرح شيء معين أفقد تركيزي وأسرح في أمور تافهة.

هل أعاني من فصام الاضطهاد؟ حيث أني شعرت بشعور مختلف وجيد عند أخذ الكويتابين، وقرأت أنه مضاد للفصام، وأوقفته لما سببه من نوم وخمول أغلب اليوم، وهل ريسبردال أفضل لحالتي؟ وما الجرعة والمدة؟ ولا أريد أدوية اكتئاب لأني جربتها كلها ولمدة ليست بالقليلة، وبدون نتيجة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، رسالتك -أخي الكريم- واضحة، والمعاناة في الصغر قد تؤثر على الإنسان في الكبر، لكن الذي يتيقن أن سوء معاملة الوالدين لم تكن بسوء قصد أبداً، إنما هو منهج تربوي رأه الوالد هو الأفضل، وكل والد يسعى لأن يكون أبناؤه افضل منه، فأرجو أن لا تأخذ في خاطرك وفي نفسك كثيراً حول ما مضى، الآن أنت رجل في قمة شبابك، وحباك الله بالطاقات وخبرات ومهارات كثيرة، فأرجو أن تنميها وأن تعيش الحياة بقوة وبأمل ورجاء، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تكون لك برامج حقيقة، لتعيش إن شاء الله تعالى مستقبلا مشرقاً.

أيها الفاضل الكريم: الاكتئاب يهزم من خلال التفاؤل والإصرار على التفاؤل، بل تصنع التفاؤل حتى يصبح موجودا، فيما يتعلق بالشكوك التي تأتيك أعتقد أن شخصيتك حساسة في الأصل، وحساسية الشخصية قد يجعل الشخصية شكوكية ظنانية تلجأ لسوء التأويل، لا أرى أنك تعاني من ضلالات بارونية فصامية، فأرجو أن تطمئن في هذا الجانب، أعتقد أن الأمر يتعلق بشخصيتك، وحاول أن تحسن الظن بالناس، والأذكار تعطيك الشعور بالأمان والاطمئنان، وأنه لن يصيبك مكروه أبداً إلا ما كتب الله لك، والناس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.

اجعل هذا مبدأك في الحياة وسوف تحس براحة البال، وحاول أن تحسن إلى الناس حتى يحسنوا إليك، وكن يداً عليا ولا تكن أنت اليد الدنيا أبداً، كن صاحب مهارات وابتكارات ومبادرات، دائماً اجعل نفسك في الصفوف الأولى، وأؤكد لك أن بر الوالدين يعود عليك بخير عظيم، حتى وإن كان والدك قد عاملك معاملة ليست طيبة في فترة طفولتك.

الالتزام بالتواصل الاجتماعي هو أفضل علاج لتطوير المهارات وتجنب الخوف الاجتماعي، مجتمعنا بفضل الله تعالى فيه أشياء عظيمة لو قمنا بها لا نحس برهبة أو خوفاً في أي موقف اجتماعي، هذه الأشياء منها الصلاة مع الجماعة في المسجد، حضور الأعراس والمناسبات الطيبة، وتلبية الدعوات، وحضور الجنائز والصلاة عليها، وزيارة المرضى، والترفيه عن النفس في المتنزهات والحدائق، وممارسة الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية، كلها تحسن كثيراً من التواصل الاجتماعي.

بالنسبة للدواء: أنا أريدك أن تستعمل الكواتبين مرة أخرى، وأبشرك أنه يوجد نوع من الكواتبين يسمى أكس أر أو الكواتبين بطيء الإفراز وطويل الأمد، هذا لا يؤدي إلى النعاس كثيراً، جربه وإن شاء الله تعالى تجد فيه نفعاً، والجرعة التي تستعمل لمرضى الفصام من الكواتبين -أي الجرعة العلاجية- لا تقل أبداً عن 200 مليجرام، 50 مليجرام لا تعالج فصام الاضطهاد، إذاً ليس لديك فصام اضطهاد.

أرجو أن تطمئن، بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً