الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أذق طعم الحياة بسبب نوبات القلق!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البدء شكرا لمجهودكم العظيم ونصائحكم التي تبعث في نفوس الكثيرين الأمل، أثابكم الله ووفقكم الله، وسدد خطاكم، وجزاكم خير الجزاء على ما تقدمونه من مساعدات ونصائح، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

أنا شاب في الـ24 من العمر تخرجت من الجامعة، وأعمل -الحمد لله-. سؤالي: هو أني ومنذ ثلاثة أسابيع فجأة عاد لي وسواس الموات الذي كان لدي قبل سنتين، بعد المرور بصدمة نفسية أدت إلى سوء حالتي النفسية كثيرا، والدخول في حالة اكتئاب حاد.

ذهبت إلى طبيب نفسي، ووصف لي عدة علاجات منها (الميرتازبين) ومهدئات، ثم عدت للطبيب بعد شهر، وكان لدي نوع من الرهاب الاجتماعي؛ فوصف لي (لسترال) مع التقليل من مضادات الاكتئاب، تناولتها لمدة شهر، ثم توقفت عنها بعد ذلك بدون العودة للطبيب. هذه المرة وأنا أشاهد التلفاز، أصابتني نوبة هلع وخوف وإحساس بأن روحي تخرج، وضيق في النفس، وكتمة في الصدر، وتنميل في الأطراف، وإحساس وشعور صعب جدا، ثم بعدها بات تفكيري لا ينقطع بالموت في كل تحركاتي، وحتى في حديثي وحديث من حولي، أربط كل شيء بالموت، مع العلم أني -والحمد لله- مواظب على الصلاة وتلاوة القرآن، والذكر والدعاء، وأقوم الليل ولكن ليس بشكل منتظم.

حاليا النوبة أصبحت تأتي وتذهب من فترة لأخرى بشكل أخف من المرة الأولى، لكني لم أعد أذق طعما للحياة أو أستمتع بأي شيء أفعله، حتى الأكل والشرب، وأشعر بضيق في الصدر أغلب اليوم، وأشعر بنوع من الخمول في جسمي، واكتئاب، وشرود الذهن حتى في الصلاة، والنسيان، ومشكلة في النوم، فأحيانا أنام وأحيانا لا، وحتى عندما أنام أستيقظ مفزوعا، ثم بعد ذلك لا أستطيع النوم، وأكون في حالة قلق وتوتر دائمين، رغم أني أذهب لعملي، وأحاول القيام به على أكمل وجه، لكن الشرود الذهني والتفكير، وأقول: لماذا أذهب للعمل؟ ولماذا أعمل؟ وأشعر أن عقلي متوقف تماما، حتى أني أصبحت أتلعثم في الكلام، وأتردد في فعل أي شيء حتى لو كان بسيطا، وأشعر كثيرا بالغربة عن الذات والواقع، وكأني في عالم آخر، وأحيانا أخرى أشعر بأن مزاجي في حالة جيدة على فترات طفيفة، لكن ما تلبث أن تعود الأفكار وأعود للحالة، أصبحت لا أطيق نفسي وما أنا فيه.

أفيدوني جزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعراضك في مجملها أعراض قلق وتوتر، ونوبات الهلع هي من أعراض القلق أيضاً، وإن كان هناك أعراض اكتئابية؛ فهذا شائع مع اضطراب الهلع مع اضطراب القلق عامة. ومعظم الناس الذين يعانون من اضطراب القلق تكون عندهم أعراض اكتئابية مصاحبة، والعكس الصحيح، معظم مرضى الاكتئاب لهم أعراض قلق وتوتر مصاحبة، وطالما رجعت هذه الأعراض بهذه القوة التي قد تؤثر عليك في أداء عملك -والحمد لله أنك قلت تواصل في العمل بصعوبة-؛ فيجب عليك مواصلة العلاج وبالذات العلاج الدوائي.

السيرترالين فعال في نوبات الهلع، والوسواس، والاكتئاب، ولكنه قد لا يكون بنفس الفاعلية في علاج القلق. السبرالكس أو الاستالبرام قد يكون أفضل من السيرترالين في هذا الشأن، وجرعته طبعاً تأتي في شكل حبوب 10 ملجم، ابدأ بنصف حبة 5 مليجرامات لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، ويجب أن تصبر عليه لعدة أسابيع حتى تزول معظم هذه الأعراض، وبعد أن تختفي الأعراض يجب الاستمرار في العلاج يا أخي الكريم لعدة شهور، قد تصل إلى 6 أشهر، ثم بعد ذلك أوقف العلاج تدريجياً، ربع حبة كل أسبوع حتى تتوقف تماماً.

الحمد لله أنك مواظب على الصلاة والذكر والقرآن؛ فكل هذه أشياء مفيدة بإذن الله، ولكن يجب عليك أيضاً أن تأخذ جلسات علاج نفسي؛ فالعلاج النفسي السلوكي المعرفي سوف يساعدك كثيراً مع العلاج الدوائي بإذن الله، وتحتاج إلى عدة جلسات، وعند الانتهاء من الجلسات السلوكية وبعد التوقف من الدواء إن شاء الله لن ترجع الأعراض، ودائماً إضافة مكون سلوكي إلى العلاج الدوائي يقلل جرعة الدواء، ويساعد في عدم ظهور الأعراض بعد التوقف عن الدواء.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً