الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات هلع متكررة، ما هو العلاج لذلك؟

السؤال

السلام عليكم
بارك الله بالقائمين على هذا الموقع، ورزقهم الله من نعيم الدنيا والآخرة، وأشكر الدكتور محمد عبد العليم، على استشاراته القيمة، لا حرمه ربي الأجر.

سبق وأن أصبت بنوبات هلع في عام 2013م، وبسؤالي للدكتور محمد عبد العليم، شرح لي الأمر، وطمأنني بأن الحالة بسيطة، وعلاجها سيبراليكس، وطلب مني زيارة طبيب نفسي، وهذا ما دفعني بالفعل لزيارة الطبيب، وصرف لي سيبراليكس أول أسبوع 5 غرام، ومن ثم رفع الجرعة إلى 10، واستمررت بالعلاج مدة 9 أشهر، ثم توقفت عن العلاج بأمر الطبيب في نهاية 2013م، وبعدها بسنتين أتتني نفس الحالة، وذهبت للطبيب وصرف لي سيبراليكس 10 واستمررت عليه لمدة سنة، ثم توقفت عنه من تلقاء نفسي بعد أن شعرت بالتحسن، وذلك في عام 2016م.

بعد عامين رجعت لي نفس الحالة وبشدة، وآلام بالأذن، وضغط بالرأس، وخوف يسير، وأكثر ما يؤرقني هو عدم النوم مع عدم الشعور بالمتعة، وعدم الاهتمام في الحياة من غير حزن، ولله الحمد.

ذهبت للطبيب وصرف لي السيبراليكس، لكنه أخبرني أني هذه المرة سأستمر بالعلاج (مدى الحياة)، لأني انتكست مرتين بعد ترك الدواء! وقال لي: كان عليك أن لا تترك الدواء في المرة الثانية من تلقاء نفسك، وكان ينبغي عليك أن تستمر بالدواء لمدة سنتين على الأقل، حتى نمنع الانتكاسة لكن عليك أن تستمر بالدواء مدى الحياة، وهذا الأمر أزعجني وسبب لي هذا الخبر صدمة، وحتى هذه اللحظة أنا قلق، وخائف من الاستمرار عليه (مدى الحياة) وعدم قدرتي عن الاستغناء عنه.

وسؤالي للدكتور محمد عبد العليم هل هذا الكلام صحيح؟ وإن كان صحيحاً فهل ثم طرق أخرى لكيلا أستمر عليه مدى الحياة؟

أرجو أن تطمئنني يا دكتور محمد، وهل للدواء من أضرار طويلة المدى؟ علماً أنه عند تناولي الدواء -بفضل الله- الأمور طيبة، لكنه يسبب لي زيادة في الوزن، ويزيد بحدود 8 ال 10 كيلو، فهل الدايت أو الرياضة تنفع لإنقاص الوزن؟ وهل أستطيع ترك الدواء بعد سنة أو سنتين أم لا؟

بماذا تنصحوني؟ لا حرمكم ربي الأجر، لأني اليوم سأتناول أول جرعة وأخشى أن أستمر عليها مدى الحياة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية -أخي الكريم- وأشكرك على كلماتك الطيبة في حق الشبكة الإسلامية وشخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعاً.

الحمد لله، نستطيع أن نقول: إن حالتك بسيطة، وهذا الكلام لا أقوله من أجل أن تطمئن لكنها حقيقة ماثلة أمامي، وأهم شيء مهما كانت الأعراض النفسية قليلة شديدة أو بسيطة أو متوسطة يجب أن يكون الإنسان فعالاً في حياته، بمعنى أن الحالة النفسية التي لا تجبر الإنسان على أن يعطل حياته لا نعتبرها خطيرة، ولا نعتبرها معيقة، لكن توظيف الحياة يحتاج لدافعية من الإنسان، فقد شاهدنا -أخي الكريم- بعض مرضى الفصام، وهو مرض عقلي يثابرون ويجتهدون ويأهلون أنفسهم، وتجد أن حياتهم معقولة جداً، وربما تجد شخصاً آخر يعاني من مجرد قلق، لكن حياته معطلة لأن القلق قد هيمن عليه، وليس لديه الاستعداد بأن يقوم بأي شيء حيال نفسه، منتهى الاتكالية والكسل وعدم الطموح والتنصل من الواجبات الاجتماعية هذا خطأ كبير.

أخي الكريم، أنا أراك الحمد لله، مستقراً، وعندك الأسرة، ولديك العمل، وأنا متأكد أن لديك أشياء إيجابية كثيرة.

هذا الكلام الذي ذكرته لك مهم، لأن الذي يمنع الانتكاسات المرضية الحقيقية هو الثبات التام على الفعاليات في الحياة، والبحث نحو تطويرها، مثلاً التواصل الاجتماعي الإنسان الذي يبني شبكة اجتماعية ممتازة تتطور صحته النفسية، الإنسان الذي يقوم بواجباته الاجتماعية أين كانت، مشاركة الآخرين في الأفراح في الأتراح، صلة الرحم هذا مهم جداً أخي الكريم، الإنسان الذي يكون دائماً إيجابياً في تفكيره هذا أيضاً نوع من التأهيل النفسي المهم، الإنسان الذي يحقر السلبيات خوف، قلق، وسوسة واكتئاب هذا أيضاً -أخي الكريم- مهم، فمن خلال هذه الثوابت إذا طبقها الإنسان تقل جداً فرصة الانتكاسات، وتقصر مدة تناول العلاج الدوائي.

وما ذكره لك الأخ الطبيب أنك يجب أن تتناول السبرالكس مدى الحياة، مع احترامي الشديد لرأيه لا أعتقد أنك تحتاج لذلك حقيقة، الذي تحتاجه هو أن تفعل الفعاليات غير الدوائية في حياتك، من الناحية الاجتماعية، والسلوكية، والإسلامية، وأن تمارس الرياضة، وأن تكون منضبطاً في إدارة وقتك، وأن تكون شخصاً نافعاً لنفسك ولغيرك، هذه حين تمارسها واقعاً وتطبيقاً في الحياة قطعاً ستمثل الجدار الذي يقيك من الانتكاسات فيما يتعلق بحالتك، وهذا قطعاً يقلل حوجتك للعلاج مدى الحياة.

الإنسان يتطور بطبيعته، ويعرف أن الأعراض النفسية تتقلص خاصة أعراض المخاوف والتوترات تقل بمرور الزمن خاصة إذا كان الإنسان مستقرا من الناحية الاجتماعية، وأحسب أنك على هذه الشاكلة.

أخي الكريم، تناول السبرالكس واتخذ التحوطات التي تجعلك لا يزيد وزنك، أتفق معك أن هذه مشكلة، وأنا في بعض الأحيان أنقل الناس من السبرالكس إلى البروزاك لكن بعد أن تستقر الحالة.

إذا تناولت السبرالكس لمدة 6 أشهر مثلاً وكانت حالتك ممتازة فلا مانع أن تنتقل إلى البروزاك، لأنه لا يزيد الوزن وفي نفس الوقت أيضاً هو دواء فعال، نعم هو في علاج المخاوف ليس مثل السبرالكس لكنه في الوقاية من المخاوف تقريباً يساوي السبرالكس، يمكن أن تشاور طبيبك في اقتراحي هذا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً