الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني شاب وأحببنا بعضاً وحصلت خلوة وأهلي يرفضونه

السؤال

السلام عليكم

أنا مخطوبة لمدة سبعة أشهر لرجل يكافئني في مستواي العلمي والاجتماعي والمادي، ووجدت فيه التفاهم العقلي والراحة النفسية، وأحببته كثيراً.

تعارفنا في العمل، وأتي إلى المنزل بعدها بأسبوع، والمشكلة أن أهلي يريدون فسخ الخطبة، وذلك لأن أمي تقول: إنها ليست مرتاحة نفسياً له، وقلقة منه جداً، والدي في آخر لقاء استهان به، وخطيبي دافع عن نفسه فرفع صوته قليلاً على أبي، ولكنه لم يلفظ بأي لفظ بذيء.

خطيبي يتيم الأب منذ أن كان بعمر ال13 سنة، والمسؤول الأول عن أسرته، وهم: والدته وأخوه، أبي كان يمزح ونعته بالفشل مما أثار حساسيته.

أبي يرى أنه معقد نفسياً، وأنه لن يسيطر على نفسه وسيضربني بعد الزواج، ويقول: إن طريقته حادة جداً، لكنه ليس حاداً معي ولا مع أصدقائه.

علماً أن أهلي خارج البلاد، ولم يتقابلوا معه غير 6 مرات شاملة الاتفاقات، وكان يحضر اتفاقات الزواج وحده، بما أنه المسؤول عن كل ما يقول، وعندما يعد يوفي، والخطبة وكل ذلك، ولم يتعاملوا معه أكثر من ذلك.

أنا لا أريد فسخ خطبتي، وأنا أراه الرجل الذي طالما انتظرته.

أنا بعمر 26 عاماً، وهو بعمر 31 عاماً، ماذا أفعل مع أهلي؟! لجأت إلى كل أصدقائهم، ولكن لا أحد يجرؤ على مواجهتهم حتى لا يخسرهم، لأن أي رأي معارض لرأيهم لا يؤخذون به.

لقد أمروني بقطع علاقتي بخطيبي، حتى يعودوا من السفر ليقنعوني بإنهاء خطبتي، ماذا أفعل؟! هل يحق لهم أن يفسخوا خطبتي بعد أن تعلقت به على الرغم من رؤيتي أنه يناسبني؟!

علماً أنه حدثت بيننا خلوة للأسف، ونحن نادمان على ما فعلنا، ونستغفر الله كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Taeeba حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقولك: الصفات التي ذكرتها في خطيبك في نظري غير كافية، فلم تخبرينا عن أهم الصفات التي أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي دينه وخلقه.

الصفات التي ذكرتها تكون جيدة بعد أن تتيقني من أنه صاحب دين وخلق لأنه بدون الدين والخلق لا تساوي تلك الصفات شيئا.

قد يكون والدك تعمد أن يغضبه لينظر ردة فعله ومدى صبره على تحمل من يغضبه فوجده سريع الغضب، خاصة مع من سيكون والد زوجته وأكبر منه سنا؛ ولذلك فوالدك قد يكون عنده حق في ذلك فهو من أكثر الناس حرصا على سعادتك ويستحيل أن يفعل ذلك من أن يجعل الرجل ينصرف عنك.

لا بد أن تتفهمي مقصد والديك من خلال الحوار معهما بهدوء، فليس ثمة أناس يحرصون على راحتك وسعادتك مثل والديك، ولذا يقال في المثل: إذا عرف السبب بطل العجب.

كوني على يقين أن الزواج رزق ونصيب، فإذا كان هذا الشخص من نصيبك فقد يكون الوقت لم يحن وسيلين الله قلب والديك حين عودتهما ويوافقان على الزواج، وإن لم يكن من نصيبك فمهما حاولت وحرصت فلن تتمكني من الزواج به.

الزواج لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك، فكلي أمرك لله تعالى واعلمي أن كل شيء بقضاء وقدر.

لا تعلقي قلبك بشخص بعينه فذلك سيسبب لك مشاكل كثيرة إن فاتك الاقتران به، منها الحزن والاكتئاب.

أنصحك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعي بالدعاء المأثور وتوكلي أمرك لله يختار لك ما يشاء سبحانه فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

الأصل أنك لا تبني معه أي علاقة خارج إطار الزوجية لأنه لا يزال شخصا أجنبيا بالنسبة لك ولا فرق بينه وبين غيره ولذلك حين تماديت وتجاوزت الأحكام الشرعية وقعت في الخلوة المحرمة؛ لذلك ينبغي أن تقطعي فعلا علاقتك وتواصلك معه ليس امتثالا لوالديك فقط، ولكن امتثالا لأمر الشرع الحنيف؛ لأن مفهوم والديك أنه لو كانوا موافقين عليه فلا بأس باستمرار علاقتك معه وهذا خطأ بدون شك.

رزقك سيأتيك بإذن الله تعالى، فعليك أن تحرصي على أن تتوفر فيه الصفات التي أرشد إليها نبينا عليه الصلاة والسلام بقول: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبداً، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

أوصيك أن تستغفري الله عما حصل من تجاوز بينكما، وأن تكثري من العمل الصالح وخاصة الصلاة والصيام وتلاوة القرآن فإن الحسنات يذهبن السيئات.

وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك فإن الحياة الطيبة الهادئة المطمئنة لا توهب إلا بذلك يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

كي يذهب همك وحزنك الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً