الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من آلام الرقبة والكتفين وآلام الصدر وأريد علاجا، ساعدوني

السؤال

‎السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم كثيرا على هذا الموقع الرائع والجميل، وعلى جهودكم الجبارة.

‎في البداية ترددت كثيرا في طرح استشارتي، ولكن من ملاحظتي بجهود القائمين على الموقع، وروعة وجمال ردودكم، توكلت على الله، وبسم الله ابدأ:

‎أنا شاب عمري 25 سنة، لا أشكو من أي أمراض سابقة، ولكن في الثلاثة الأشهر الأخيرة أحسست بخفقان القلب، وهذه بداية أعراض مرضي المجهول، أسأل الله لي ولجميع المرضى بالشفاء العاجل.

زادت الأعراض إلى آلام في لوح الكتفين وعنق الرقبة شيئا فشيئا، ذهبت إلى جميع العيادات لعلاج آلام الرقبة والكتفين، ووصفوا لي كبسولات ريلاكسون استخدمتها، كانت جيده لتسكين الألم فقط، ولكن لذهاب الألم نهائيا لم تُجدِ نفعا، واظبت عليها إلى نهاية رمضان، ثم جاء ما هو أقوى من آلام الرقبة والكتفين، عندما كنت مستعدا للنوم أحسست بدوار مفاجئ مع خفقان سريع في القلب، أثناء الخفقان يصدر صوت مسموع من جهة القلب أشبه بنفخة الهواء، وكلما زادت زاد ضيق النفس الشديد.

لم أستطع التحمل من الكتمة، وكنت أتنفس بصعوبة شديدة وتعب عام، وذهبت للمستشفى وأنا أنتظر الموت ليأتي، في هذه اللحظات وصلت عند الدكتور ولم أستطع وصف الحالة بشكل دقيق، حينما نظر لي لم أستطع تمالك نفسي، هدأني الطبيب وأعطاني المغذي، تحسنت قليلا، ورجع نبضي طبيعيا.

جلست طريح الفراش وأنا أسمع الأصوات في قلبي مرة أخرى، وضيق النفس يعود، نهضت سريعا وحاولت أن أتغاضى عن الأصوات، و-الحمد لله- ذهبت الأعراض ولم يذهب التعب والإرهاق.

عادت الأعراض مرة أخرى لم أتمالك نفسي هذه المرة، ومعها آلام في الصدر، وحرقة تحت القفص الصدري، يصدر منها الصوت الذي أسمعه دائما من جانب القلب، ذهبت فورا وعند نومي لم أستطع النوم كما السابق، أنام قليلا وأستيقظ من الضيقة، وأحاول النوم مرة أخرى بصعوبة جدا، وأستيقظ بعد ساعة، وفي بعض الأوقات أستيقظ بعد دقائق من النوم.

كلما ذهبت الأعراض أستبشر خيرا فتعود مرة أخرى بأعراض مغايرة، وهذه المرة كان هناك وخزات في فخذ الرجل والصدر وأسفل الظهر وحاجب العين، ولاحظت نزول وزني عن السابق من 77 إلى 73 كجم، في أقل من أسبوعين؛ بسبب فقدان الشهية.

لاحظت وجود ضعف في الوزن من جهة الصدر وأعلى الرقبة، ولا أعلم إلى أي عيادة أذهب، علما أنني أجريت تخطيط القلب وكان سليما، ولم أجرِ بعض الفحوصات نظرا لارتفاع ثمنها، وأنا لا أملك المال، ومتردد كثيرا في الذهاب للمستشفيات، نظرا لتأخر المواعيد بالأشهر.

أعتذر عن الإطالة، وأريد تفصيلا وتشخيصا دقيقا لحالتي، شاكرا لكم مقدما على جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ اسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

الآلام التي أحسست بها حول الرقبة والكتفين يظهر أنها ناتجة من انقباضات عضلية، وهذه قد يكون القلق النفسي سببًا فيها، كما أن النوم في وضعية خاطئة في بعض الأحيان قد يتسبَّب في ذلك، بعد ذلك حدثت لك نوبة نفسية واضحة نسميها بنوبة الهرع أو الفزع أو القلق، وبعد أن انتهتْ هذه النوبات بدأ يظهر عندك نوع من الإجهاد النفسي، لأن القلق التوقعي قد يهيمن ويسيطر عليك وتحوّلت حالتك إلى نوع من القلق الوسواسي.

فهذا هو تشخيص حالتك، وقطعًا انعكستْ مُعظمُ أعراضك لتكون أعراض جسدية، وفقدان الوزن بالفعل هو مؤشِّر على وجود الجانب القلقي الاكتئابي، لكن هذا اكتئابٌ ظرفيٌّ ثانويٌّ وليس اكتئابًا مؤصَّلاً أو بيولوجيًّا.

أيها الفاضل الكريم: العلاج -إن شاء الله تعالى -سهل، هناك العلاج الطبي العام.

أولا: يُفضَّل أن تُجري فحوصات طبيَّةٍ عامَّة عند الطبيب العمومي، لتتأكد أن جميع أجهزة جسدك صحيحة، وأنا لا أرى حقيقة أي جانب عضوي، لكن هذه هي القاعدة الرصينة التي نعتمد عليها، حتى وإن كانت الحالة حالة نفسية مائة بالمائة.

بعد ذلك عليك أن تتجاهل الأعراض، لأن التركيز عليها يزيد منها.
ثانيًا: تكون حسن التوقُّعات ومتفائلاً.
ثالثًا: تستفيد من حياتك وتُحسن إدارة وقتك، وتتواصل اجتماعيًا، وتُمارس رياضة باستمرار، وتحرص على النوم الليلي المبكر، النوم الليلي المبكر، يُجدد الطاقات، يؤدي إلى استرخاء نفسي وجسدي بشكل واضح جدًّا.

هذه الآلام والوخز الموجود في العضلات -في الصدر خاصة- ناتج من القلق والتوتر، وهنا أيضًا تطبيق تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفُّس التدرُّجي فيها فائدة عظيمة جدًّا.

أنا أراك أيضًا في حاجة إلى علاج دوائي نفسي بسيط، وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا هو الأفضل، وإن لم تستطع فإن عقار مثل (سبرالكس)، يُضاف إليه جرعة صغيرة من عقار (دوجماتيل)، أراه سيكون مفيدًا لك، وهي أدوية سليمة، وفي معظم الدول لا تحتاج لوصفة طبية.

إذا اقتنعت –أخي– بتناول هذه الأدوية فجرعة السبرالكس هي أن تبدأ بنصف حبة خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أما بالنسبة للدوجماتيل، والذي يُعرف علميًا باسم سلبرايد، فتناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

السبرالكس يُعتبر هو الدواء الرئيسي، أما الدوجماتيل فهو دواء داعم، والجرعة التي اخترناها لك هي جرعة صغيرة، وقطعًا كِلا الدوائين سليمًا، ولا يُسبِّب أيِّ نوعٍ من الإدمان، لكن ربما يفتح الشهية قليلًا نحو الطعام، كما أن السبرالكس ربما يؤخِّر القذف المنوي قليلاً عند الجماع، لكن قطعًا لا يؤثِّرُ على هرمونات الذكورة أو على الصحة الإنجابية.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً