الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أزيد خوفي من الله؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا أريد أن أزداد خشية من الله، فكيف أفعل ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاصم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:

فمن الوسائل المعينة على زيادة الخشية من الله:

1- العلم بالله والعلم بشرعه قال تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ}، [ فاطر آية 28]، قال ابن سعدي: "وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية اللّه، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }، [البينة آية 8].

2- تذكر الدار الآخرة ومعرفة أحوالها وأحوال أهلها، عن أَبَي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"، رواه البخاري، وعن الحسن البصري قال: "من علم أن الموت مورده والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الله تعالى مشهده فحقه أن يطول في الدنيا حزنه".

3- البكاء من خشية الله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)، رواه الترمذي، وفي هذا فضل البكاء من خشية الله تعالى، لأن الخشية تحمله على امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، فلا يدخلها بوعده الصادق إلا تحلة القسم.

4- القصد الحسن في الوصول إلى الحق ومراقبة الله قال تعالى: "إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖفَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ" [ سورة يس اية 11].

5- الإكثار من العبادة والطاعة مع التسليم بما شرع الله لهم، قال تعالى: "جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ"[ البينة اية 8].

فالمراد برضاء الله تعالى عنهم: قبوله لأعمالهم، وبرضاهم عنه: فرحهم بما أعطاهم من فضله، ذلِكَ أي: العطاء الجزيل لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي: كائن وثابت لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، وقال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖإِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗوَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗوَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾، [سورة العنكبوت(45)]، قال ابن سعدي: "ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها".

6- الصدق مع الله في العقيدة وفي العبادة وفي العمل للإسلام وصدق الحديث، قال تعالى: "وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" [ الزمر آية 33]، وقال تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖفَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" [ الأحزاب آية 23] هذا ما أمكن ذكره.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً