الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من الخوف على أبنائي عند خروجهم من المنزل

السؤال

السلام عليكم

أنا أعاني من خوفي الشديد على أبنائي، حتى عند ذهابهم للمدرسة، ولا أستطيع إرسالهم للبقالة التي في نفس سكني من خوفي الشديد وتوتري، ولا إلى النادي الرياضي الذي يبعد عن المنزل دقيقتين مشياً على الأقدام.

بلغت أعمارهم ٩ سنوات و١٣ سنة، أرجو منكم مساعدتي؛ لأني لا أريد أن يؤثر ذلك عليهم وعلى شخصيتهم، فماذا أفعل؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مشاعل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فربما كان أساس مشكلتك – أختي العزيزة – يعود إلى الغلو الزائد في التعلق بالأولاد، أو نتيجة تأثرك بتربية ما، أو عقد نفسية من سماع مشكلات الاختلاط والاحتكاك بالآخرين، إلا أن العاقل لا يبالغ في نظرته للأمور، ولا يعمم حيث تبقى المشكلات التي نسمعها نادرة أو قليلة، أو نتيجة إهمال ظاهر.

لا شك – أختي العزيزة – أن الخوف والقلق من الوالدة لأولادها في حدوده المعتدلة مما تمدح عليه، لا سيما في مثل زماننا حيث يكثر الفساد وتكثر المتاعب لدى اختلاط الأولاد بغيرهم وبالشارع والمدرسة، ولا شك أن الدافع لك حسن؛ وهو في قصد توفير الحماية والتأمين لهم من المخاطر، وهو من كمال المحبة لهم والرعاية، إلا أنه لا شك أن هذا النوع من الخوف والقلق ليس بظاهرة صحية بل مرضية (ومن الحب ما قتل) كما يقال في الحكمة والمثل، و(كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده)؛ لأنه وسيلة إلى غاية تتضمن آثاراً سلبية سيئة من إلحاق الضرر النفسي والاجتماعي بالأولاد، حيث يورثهم انعدام الثقة بالنفس وضعف الشخصية والانطواء والاتكالية والخجل الزائد، وبالتالي الفشل في عدم القدرة على التعامل مع الناس ومواجهة الحياة، ذلك لأن الله تعالى فطر الإنسان على أن يكون اجتماعياً بطبعه وليس منعزلاً كالوحوش في البرية.

الاحتكاك بالأولاد الآخرين يصقلهم ويمنحهم خبرةً وتجارباً في التعامل.

الذي أنصحك به ترك المبالغة في الخوف والقلق، وضرورة السماح لهم بل والتشجيع لهم والاختلاط بالناس، لا سيما في أخذ حقهم الشرعي من الدراسة واللعب مع الأطفال الذين في سنهم، والنادي القريب، لكن مع المتابعة لهم بهدوء مع الاطمئنان إلى كون هذه المواقع سليمة آمنة، حيث لا يوجد فيها صحبة السوء.

كما تكون بعيدة عن أخطار حوادث السيارات ونحوها، فالاطمئنان من حقك، والمتابعة من واجبك لكن بحكمة وهدوء وتوازن من غير قلق زائد ولا إظهار القلق لهم منعاً من تعقيدهم وتخويفهم.

كما أنصحك بمدافعة الخوف الزائد بتعميق الإيمان بالله وبحسن الظن به، والثقة بالنفس، والتوكل على الله والاستعانة به، والتجاهل والإعراض والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والاستغفار ولزوم الذكر والطاعة وقراءة القرآن والرقية الشرعية لنفسك وللأولاد.

لا بد من منح الأولاد حقهم من النزهة والرياضة واللعب مع الأولاد الذين في مثل سنهم، وزيارة الأهل، واطمئني أن مشكلتك ستزول بالتدرج والصبر، فيمكنك دفعهم إلى الاختلاط بالناس شيئاً فشيئاً حتى تطمئني أكثر، ويتعودوا هم أكثر بدءاً بالأهل ونحوهم.

أؤكد على بيان التنبيه إلى خطئك، وضرورة مراجعة النفس والسماح لهم بل التشجيع لهم بالدراسة واللعب ونحوها، مع ضرورة المتابعة الهادئة، وربطهم بالصحبة المناسبة، ولا مانع من تعثرهم بالأخطاء أحياناً، فهي سُنّة الحياة وطبيعة البشر، وبالأخطاء يتعرفون على الصواب.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهدى والحكمة والصواب والرشاد، والله الموفق والمعين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً