الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج وأرحل مع زوجي أم أبقى مع والدتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مسلمة، أبلغ الخامسة والعشرين, أقيم مع والدتي المريضة والتي أرعاها في غالبية شؤونها اليومية, لدي أخت وأخوان يقيمون قريباً منا ويزوروننا باستمرار، لكنهم لا يقيمون معنا, تقدم الكثير لخطبتي لكنني لم أجد فيهم من أرضى دينه بجانب أنني لم أكن أحب مفارقة والدتي.

قبل عدة أشهر تقدم لخطبتي شاب ذو خلق ودين, من نفس بلدي، ولكنه يقيم في دولة أخرى, تمت الخطبة وبعد تحديد موعد الزفاف أصر خطيبي على الانتقال معه بعد زواجنا, وكنت قد طالبته من قبل أن يمهلني بعض الوقت حتى أرحل معه, لكني أتفهم رغبته هذه، فهو شاب ملتزم يخشى على نفسه من الفتنة.

أنا الآن في حيرة من أمري, فأنا أحب خطيبي جداً ولا أحب أن أفقده، خاصة أنني أقيم في بلد أجنبية، ومن الصعب أن تجد من يحافظ على دينه في هذه البلاد، أنا أيضاً أرغب في إحصان نفسي بالزواج في بلد مليئة بالفتن كالتي أعيش فيها, من ناحية أخرى لا أريد ترك والدتي لأني أرعى جميع شئونها وأخشى أن أكون عاقة بها إن تزوجت ورحلت مع زوجي، كما أنني أخشى أن يؤثر ذلك عليها.

خطيبي لا يستطيع الحضور للعيش معي هنا لظروف عمله وصعوبة ذلك، كما أن أمي ليست لديها رغبة بالحضور للعيش معنا أنا وخطيبي بعد الزواج بإذن الله لأنها لا تود العيش في دولة أخرى، أنا في حيرة من أمري، فماذا أفعل؟ هل أتزوج خطيبي وأرحل معه أم ألغي فكره الزواج وأبقى مع أمي مع صعوبة ذلك علي؟ أفيدوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Muslimaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يهيئ لك من الأمر رشداً، وأن يرزقنا البر بآبائنا والأمهات.

فقد أسعدني حرصك على بر والدتك وخدمتها، وهذا يدل على عناصر الخير في نفسك، وأبشري فإن فاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئاً؛ فكيف إذا كان ذلك المعروف هو الإحسان للوالدة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وبر الوالدين من الطاعات التي يجني الإنسان ثمارها في الدنيا برّاً وتوفيقاً وسعادة مع ما وعد الله به المحسنين في الآخرة.

وإذا كان إخوانك وأختك يعيشون إلى جواركم ويكثرون من زيارة الوالدة فلا تترددي في قبول هذا الخاطب لأنه صاحب دين ولأنه من نفس المنطقة؛ فإن هذا أدعى للوفاق، وأقدر على احترام المشاعر وتقدير ظروف الوالدة، وهو أعرف بظروفك من غيره.

ولا شك أن الوضع سوف يتغير بعد الزواج؛ فسوف يزداد اهتمام إخوانك وأختك بالوالدة، وأنتِ لن تُقصِّري بحسب استطاعتك، كما أن سعادة الوالدة في سعادتك وفرحها سوف يكون بدخولك إلى بيت الزوجية.

وإذا كان الرجل صاحب دين فإنه سوف يعينك على مواصلة البر والإحسان لهذه الوالدة؛ لأن هذا لون من حسن المعاشرة، وعندها سوف يكون الوضع مختلفا، وقد توافق الوالدة أن تكون معك أو يوافق الزوج على سفرك من حين إلى آخر إليها، ويمكن أن نأتي بمن تخدم الوالدة ولو بالأجرة، فلا تفكري في ترك الزواج؛ فإن الرجل المناسب قد لا يتكرر، ولا تستغني المرأة عن الرجل، وعجلة الحياة تدور والفرص المناسبة نادرة.

وأرجو أن تتمسكي بهذا الخاطب؛ فليس للمتحابين مثل النكاح، ولن يضيِّع الله هذه الوالدة، ولن يقصر إخوتك والجيران في سد هذه الثغرة، فهم الآن لا يهتمون كثيراً لأنك موجودة معها، ولكن في غيابك لن يقصروا في حقها، وسوف ترغب الوالدة في زيارتكم من حين إلى آخر لأنها أيضاً تحب بنتها.

وشَكَرَ الله لك حرصك على العفاف ورغبتك في الرجل الصالح، وعليك بصلاة الاستخارة وهي طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً