الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أفكر بالزواج بسبب الوسواس؛ لخوفي من الكفر!

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الوسواس القهري في كل شيء، قبل أمس أتاني وسواس أم خيال لا أعلم حقا، ولكني تخيلت أنني ألحدت ثم عدت إلى الإسلام وأتاني هذا الخيال؛ لأني رأيت قصة فتاة ألحدت ثم تضايقت جدا حينما راودني هذا الخيال، وأصابني قلق شديد خفت أني كفرت؛ لأني قرأت أن الكفر يكون بالنية.

مع العلم أني لم أنو، ولكنه خاطر راودني، وسبب لي قلقا، أنا خائفة جدا بسبب هذا الوسواس كلما أقنعت نفسي أنه لا صحة لهذا الخيال، وأني لم أعمل به أو أتكلم أتذكر أني شكوت لأختي هذا الخيال، وقلت لها ماذا تخيلت؟ وهذا من باب الفضفضة.

فهل فهمت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ، أنا خائفة جدا ولم أعد أفكر بالزواج بسبب هذا الوسواس؛ لأني خائفة أني كفرت، والعياذ بالله.

أرجوكم أريد أن أطمئن، وأن تهدأ نفسي ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه مجرد وساوس وخواطر شيطانية تنتابك وعلاجها يسير جدا إن عزمت على ذلك، فالشيطان الرجيم يترصد لكل المؤمنين يريد أن يغويهم، ولم يستثن أحدا حتى إنه وسوس للصحابة الكرام رضوان الله عليهم بوساوس من نحو ما تشتكي منه.

الشيطان حريص على إغواء بني آدم، وصدهم عن عبادة ربهم، وذلك عن طريق الوساوس التي يلقيها في صدورهم غير أن الله تعالى قد بين من خلال الآيات القرآنية، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للأمة من خلال الأحاديث النبوية طريق النجاة من هذه الوساوس الشيطانية.

الشيطان عدو لدود للإنسان، ويجب أن يتخذ عدوا كما قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) ويجب ألا يصغى لوساوسه وخواطره ولا يسترسل معها، بل يجب احتقارها وقطعها فور ورودها دون تردد يقول عليه الصلاة والسلام: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ).

لقد توعد الشيطان بإغواء بني آدم وقد ذكر الله عنه أنه قال: (رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فقال الله له: (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) فقال الشيطان: (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) قَالَ الله: (هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ).

في الحديث الصحيح جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ.

وقد يصل الحال ببعض الناس أنه يشك في كل عبادة يقوم بها، هل فعلها أم لا؟ بل قد يصل الحال إلى أن يترك الإنسان العبادة هربا من ملاحقة الوساوس وما يلقاه الموسوس من التعب النفسي، وهذا ما يريد الشيطان أن يصل إليه المسلم أن يترك عبادة ربه.

أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فور ورود هذه الوساوس، وقومي من المكان الذي أتتك فيه وانطلقي إلى مكان آخر، وقومي بممارسة أي عمل، أو نشاط يلهيك عن التفكير في تلك الخواطر.

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، واجعلي لسانك رطبا بذكر الله تعالى، فإن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس، وإن غفل وسوس يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).

من رحمة الله بهذه الأمة أن الله لا يحاسبها على ما توسوس به نفسها، ففي الحديث: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم).

أنت لا زلت على الإيمان -إن شاء الله- ولا داع للقلق، فإن قلقك هذا هو ما يريده الشيطان منك فعليك أن تكوني قوية أمامه، وأن تعزمي على الانتصار عليه فهو ضعيف وكيده واهٍ كما قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) ولضعفه لجأ إلى الوسوسة.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً