الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الاختبارات ومن الفشل أهلكني وأرهقني!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في سنة ثالثة طب، وهذه المرة الثانية التي أفشل في هذه السنة وأعيدها، وتعتبر آخر فرصة لي وسيتم رفضي من الجامعة إذا رسبت، من بداية السنة وأنا أتلكك وأقوم بتأجيل الدراسة بسبب الخوف الشديد من الفشل، لا أستطيع أن أدرس! عندما أدرس قليلا أفكر أني سأرسب مرة ثالثة، وذلك لأن الوقت ضيق علي الامتحانات النهائية، وأشعر أنه لا توجد فرصة فينتابني الهلع الشديد وأذهب إما للنوم أو لشيء آخر يلهيني عن الدراسة.

الاختبارات اقتربت وأنا أعاني من الخوف الشديد لدرجة البكاء، والاكتئاب الشديد، وأيامي أصبحت مظلمة، وحدث لي إحباط شديد خوفا من انهيار مستقبلي وطموحاتي، تمنيت الموت للتخلص من هذا الشعور الذي أصبح ينغص علي حياتي!

أتمنى منكم المساعدة العاجلة.

وفقكم الله، وجزاكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت:

يحدث أحيانا من شدة رهبة الامتحانات أن الطالبة تفقد الأمل، ويحصل لها خوف شديد غير مبرر، وتفقد التركيز، ولعل سبب هذا النظرة الخاطئة للامتحانات وأنها صعبة، واحتمال الفشل، مع وجود قدر من التشاؤم في النفس، وعليك الآن أن تعتبري الامتحانات أمرا طبيعيا في الحياة، ولا تتوقعي الفشل، وأحسني الظن بالله تعالى، وأكثري من ذكر الله تسبيحا وحمدا وتكبيرا، وأكثري من الاستغفار، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، مع المحافظة على الصلاة في وقتها، والدعاء والتضرع إلى الله بأن يرزقك النجاح والتفوق.

ومن جانب آخر فهناك احتمال أنك مصابة بمرض العين، فإن بعض الأعراض المرضية التي لديك من الخوف، تمني الموت، الرغبة في النوم، ونحو ذلك، فعليك بالقراءة أو الاستماع للرقية الشرعية، من قراءة سورة الفاتحة وآية الكرسي، والمعوذات.

ومن جانب آخر حاولي أن تراجعي دروسك مع طالبات متفوقات حتى تكتسبين منهن الهمة العالية، والقدرة على الصبر والتحمل.

وأخيرا لو فرضنا أنه ليس لديك القدرة على دخول الامتحانات واحتمال الفشل وارد، وبعد بذل الأسباب الآنفة الذكر فعليك أن تشغلي نفسك بشيء آخر ينفعك، فبعض الناس قد لا يفلح في الدراسة لكن هناك أمورا في الحياة نافعة يقوم بها، ويكون له فيها نجاح باهر.

كان الله في عونك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور مراد القدسي (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية )
وتليه إجابة الدكتور محمد عبد العليم (استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

هنالك تضخيم وتجسيم وتعظيم من جانبك لأمرٍ يجب ألَّا يُجسَّد أو يُعظَّم بهذه الطريقة والكيفية. الامتحانات ليست نهاية الدنيا، والنجاح يجب أن يعدَّ الإنسان نفسه له، وكذلك الفشل، الفشل أيضًا يحتاج للاستعداد، وأهم استعدادٍ للفشل هو أن تقبله، وهذه أكبر مشكلة، والنجاح أكبر استعداد له هو ألَّا تقبل غيره، بل أن تجعله ديدنك وطريقك إلى النجاح، دائمًا النجاح هو الطريق إلى النجاح. وأنا أرجو منكِ ألَّا تتأسفي على ما مضى، وتمني الموت ليس أمرًا مقبولاً أبدًا، الحياة طيبة، والمسلم يتفاءل، ويعيش الحياة بقوة وإنتاجية ومثابرة.

أريدك أن تنظمي وقتك حتى وإن كان وقتًا قليلاً، نامي مبكّرًا ليلاً، استيقظي لصلاة الفجر، صلي صلاة الفجر، بعد ذلك ادرسي لمدة ساعتين، وهذا سوف يكفيك تمامًا. هذا بدون مبالغة؛ لأن دراسة الساعتين في هذا الوقت المبكّر من اليوم تُعادل أربع إلى خمس ساعات من بقية اليوم، والبكور فيه بركة عظيمة، والإنسان حين ينام نومًا مُريحًا ويستيقظ، وبعد أن تحدث العمليات الترميمية للدماغ يحسّ أن درجة استيعابه عالية جدًّا.

إذًا الأمر يتطلب منك تنظيمًا والتزامًا واستشعار أهمية النجاح وقُبح الفشل. لا أحد يستطيع أن يُغيّرك، لا أحد يستطيع أن يُبدّلك، لا أحد يستطيع أن ينجح مكانك أو يأخذ الامتحان مكانك.

وأنا دائمًا أنصح أبناءنا وبناتنا الطلاب أن الحياة يجب أن تُؤخذ ككتلة واحدة، ليس التركيز فقط على الامتحانات، التركيز يكون على العبادات، أيضًا يكون على بر الوالدين، يكون على الحرص على أن ننظم الوقت، أن نستمتع بالحياة... هذا مهمٌّ جدًّا، وأن تكون هنالك رفقة طيبة وصالحة، وأن يرفع الإنسان من مستوى مذاكراته وأكاديمياته هنا وهناك، فهذا يجب أن يكون ديدنك، وهذا يجب أن يكون طريقك. هذا مهمٌّ جدًّا -أيتها الفاضلة الكريمة-، وبهذه الكيفية إن شاء الله تعالى يُكتب لك النجاح.

طبّقي تمارين استرخائية متواصلة، تمارين التنفّس المتدرجة مفيدة جدًّا، تؤدي إلى استرخاء عضلي واسترخاء نفسي. اجلسي في مكانٍ هادئ داخل الغرفة مثلاً، وضعي يديك على صدرك، وقولي (بسم الله الرحمن الرحيم)، أغمضي عينيك ليس بشدة، وافتحي فمك قليلاً، ثم خذي نفسًا عميقًا جدًّا عن طريق الأنف وهذا هو الشهيق الذي يجب أن يستغرق سبع إلى ثمان ثوانٍ، بعد ذلك أحصري الهواء في صدرك، أمسكي الهواء لمدة أربع ثوانٍ، ثم أخرجي الهواء أيضًا بكل قوة عن طريق الفم، أخرجيه بقوة وببطء، وإن شاء الله تعالى يحدث تشبيع كامل للرئتين وللجسد بالأكسجين، وهذا في حدِّ ذاته يُحسّن التركيز، ويؤدي إلى الاسترخاء، ويُقلِّلُ كثيرًا من الخوف.

ولا بد أن يكون هنالك نوع من التأمُّل الإيجابي في أثناء تطبيق هذه التمارين الاسترخائية. كرّري التمرين ست مرات متتالية بمعدل ثلاث مرات في اليوم.

وأرجوك أن تدرسي أيضًا دراسة جماعية، صديقة، صديقتين، اتفقي معهما على أن تدرسوا سويًّا، مرة كل يومٍ مثلاً أو مرتين كل يومين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً