الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب ونوبات هلع وملازم للبيت، فكيف أخرج من هذه الدوامة؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا محمد، عمري 21 سنة، أعاني من اكتئاب منذ 3 سنوات، وجالس في البيت لا أخرج أبدا، ولا أكلم أحدا على الإطلاق، وأعاني منذ الصغر من التلعثم، كما بدأت تنتابني نوبات الهلع منذ 2018، وقلق، وضيق في التنفس، وقد ذهبت للطبيب فأعطاني دواء منظما لضربات القلب، مع أني شخص يحب الحياة جدا، وقريب من الله، ومثقف جدا، ولكني الآن لا أستطيع الخروج من المنزل.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعرف علّتك، وتعرف كل الصعوبات التي تعاني منها، فيجب أن تُعالجها، لا تقبل لنفسك ما هو سلبي، لا تقبل لنفسك ما هو غير نافع، الأمر في غاية البساطة، لماذا لا تخرج؟ أخرج، أنت طالب، اذهب إلى جامعتك أو مدرستك كما هو مطلوب، قم بزيارة أصدقائك، عليك بالصلاة في المسجد، عليك بممارسة رياضة جماعية مع بعض الأصدقاء، اخرج من أجل الترفيه عن نفسك.

ليس هنالك ما يمنعك، الإرادة تُبنى، إذا تكاسلنا وتركنا لأنفسنا العنان وانقدنا لهوى النفس فإنه الخطر الأكيد الذي يحل على النفس، أنت في سِنٍّ صغيرة، في بدايات سِنِّ الشباب، طاقاتك الحمد لله طاقات كثيرة، طاقات إيجابية، فلا تقبل لنفسك هذا الوضع، يجب أن تأخذ المبادرات الإيجابية دائمًا، كن منضبطًا، بل كن حازمًا مع نفسك وصارمًا جدًّا.

علاجك ليس دوائيًا، علاجك الأساسي هو أن تؤهّل نفسك بالطريقة والكيفية التي قلتها لك.

وتذكّر ما الذي سوف يكون عليه وضعك بعد خمس أو ست سنوات من الآن إذا ظللت على هذه الحالة، قطعًا سوف تضرُّ بنفسك كثيرًا. لا، اخرج الآن، وانطلق في الحياة، فالحياة طيبة، والحياة جميلة، ودائمًا تذكّر الأمثلة الناجحة في حياتك، من أبناء الجيران، من الأصدقاء، شبابٌ في تاريخنا الإسلامي قاموا بأعمالٍ عظيمة وجليلة، تذكّر مثل هذه الأمثلة الطيبة وحاول أن تقتدي بها.

الرياضة الجماعية مهمَّة جدًّا، الرياضة تؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ، تؤدي إلى تحسين التواصل العصبي الداخلي على مستوى الدماغ، ممَّا يُساعد في انشراح الإنسان وزيادة قابليته ودافعيته ليقوم بالأعمال الصالحة والأعمال الإيجابية والأعمال النافعة لنفسه ولغيره.

أنت لديك مشاعر داخلية جيدة، فقد ذكرت أنك شخص تحب الحياة، وأنك قريب من الله تعالى، وأنك مثقف جدًّا، إذًا هذه كلها ميزات إيجابية، ميزات ممتازة، يجب أن تبني عليها وتُخرج نفسك من هذا الذي أنت فيه.

ضع لنفسك أهدافا، لابد أن يكون لديك هدف، لا يمكن الجلوس في البيت هدفًا، لا، هذا إضرار بالنفس، ارتق بنفسك، حدِّد أهدافك، والأهداف سوف تجعلك تخرج، لابد أن تأخذ بالآليات الصحيحة التي تُعينك على ضروب الحياة، ولا تكن شخصًا مهمَّشًا في أسرتك، تذكّر أن هنالك مَن يحتاج إليك في أسرتك، والداك وغيرهم.

فالأمر أمرٌ فكري، إذا لقَّنت نفسك هذا الفكر الإيجابي الجديد سوف تتحرّك وسوف تكون إيجابيًا.

التلعثم من الصغر لا تلتفت إليه، درِّب نفسك على تجويد القرآن، تعلَّم مخارج الحروف ومداخلها، واقرأ بتؤدة، هذا يجعلك تنطلق إن شاء الله تعالى. تعلَّم أن تربط الكلام بالتنفّس دائمًا، في بدايات الكلام خذ نفسًا عميقًا، هذا يجعلك أكثر انطلاقة، وأنت مثقَّفٌ يمكن أن تقوم بأدوار تمثيلية، بأن تتخيّل مثلاً أنك تلقي محاضرة أمام جمع كبير من الناس، وبالفعل قم بإلقاء هذه المحاضرة مع نفسك، ولكن المقصود بها كأنك تواجه الناس، ... وهكذا.

هذا هو الذي أنصحك به، ولا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، والعفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً