الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من كتمة وضيق في الصدر، ولا أرغب بمزاولة أي نشاط، ما تفسير ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أعزب عمري 30 سنة، كنت في سفر مع الأهل في إحدى الدول الأوربية، وعندما رجعت للكويت
أصابني تقيؤ وتعب عام، وأصبحت أذهب كل يوم للمستشفى، وخوف وتعرق وكتمة وضيقة.

أجريت الفحوصات: منظار معدة وتبين لدي تقرحات المعدة، عالجتها لمدة 6 أشهر، ولكن لم أتحسن من ناحية الخوف والضيق وعدم الخروج، وأخاف أن يصيبني مكروه، أو تكون المستشفى بعيدة وتأتيني حالة تشد أعصابي وأتنفس ببطء وأحس بالموت والخنقة.

بعدها بسنة ذهبت للدكتور وعمل لي: أشعة مقطعية للبطن، وأشعة إكس عادية للصدر، ومنظارا للقولون والمعدة، وتحاليل السل والغده الدرقية والغدة الكظرية، وأنزيمات القلب وتحاليل شاملة كلها سليمة، وتبين لدي نقص فيتامين دال وفيتامين بي 12، وأعطاني حبوب دال لمدة شهر، وخمس إبر يوما بعد يوم، وترك لفيتامين بي 12 .

منذ سنتين وأنا على هذه الحال، وصرف لي زيروكسات استخدمته لمدة أسبوعين وتركته لأنه سبب لي خدرانا وضعفا في التبول، وعدم الرغبة الجنسية، والآن صرف لي دواء تريبتيزول 10 ملغرام لمدة شهرين، وبعدها أزيد الجرعة وآكل حبتين يعني 20 ملغراما.

تحسنت قليلا، لكن أعراض الخوف والخروج من المنزل ما زالت، وأشعر بالإحراج عندما يكلمني أي شخص، وليس لدي الرغبة بأي نشاط، والآن أراجع عند طبيب التغذية لزيادة الوزن.

ما رأيكم؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالحمد لله على سلامتك، ويظهر أن الذي بدأ عندك -كما تفضلت- تقرحات بسيطة في المعدة، وربما كان هنالك فيروس أو شيء من هذا القبيل، وهذا كان مصحوبًا بأعراض الخوف والتعرّق والكتمة والضيق، وبعد أن تمَّ معالجة أعراض المعدة بقي لديك أعراض الخوف والقلق، وهذا نسميه بقلق المخاوف، وهو -إن شاء الله- من درجة بسيطة.

أنت أجريت الكثير من الفحوصات -والحمد لله- كلها سليمة، وأنا لا أرى أي داع لفحوصات عضوية جسدية بعد ذلك، كل المطلوب هو أن تثبّت مواعيد مع طبيبك لتقابله مثلاً كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، وتجري الفحوصات العامة، وهذا في حد ذاته يبعث طمأنينة كبيرة جدًّا.

الأمر الثاني هو: أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، لأن أعراضك هذه ذات طابع نفسي الآن، والطبيب سوف يضع لك خطة علاجية كاملة، ومن جانبي أقول لك: المهم في الأمر هو أن تعرف أن هذا قلق ومخاوف، وأنه سوف يزول -إن شاء الله تعالى-، وألَّا تستكين له، ولا تستسلم، بل اخرج ومارس أعمالك، وتواصلك الاجتماعي، وصلاتك مع الجماعة، ورفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، ولا تنقطع أبدًا عن الواجبات الاجتماعية، هذه الأعراض تُعالج بهذه الأمور وبهذه الكيفية، أمَّا الإنسان إذا استكان لها واستسلم فهي تزيد وتُسبب المزيد من الإحباط.

نقول: الخوف يتطلب المواجهة، يتطلب التحقير، وإن شاء الله تعالى سوف تظهر عليك بوادر التحسُّن من الأسبوع الأول، وهذا في حدِّ ذاته سوف يُمثِّلُ دافعًا إيجابيًا لك.

الرياضة إذا مارسها الإنسان بصورة مستمرة تفيد جدًّا في هذه المواقف، فهي تقوّي النفوس، وتوجّه التوجُّه الإيجابي المفيد.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الزيروكسات دواء جيد، لكن في بعض الأحيان الناس لا تستعمله بالطريقة الصحيحة، لأن الجرعة من المفترض أن تكون جرعة بدائية صغيرة، ثم بعد ذلك تُرفع بالتدريج، وهكذا.

عمومًا أنا أقول لك: تحتاج لأحد مضادات القلق والمخاوف البسيطة، الطبيب سوف يُقرر ما هو مناسب لك، ومن ناحيتي أرى أن عقار مثل السبرالكس -دواء طيب ولطيف وبسيط جدًّا وغير إدماني وغير تعودي- أيضًا سوف سيكون مفيدًا، الجرعة هي: أن تبدأ بخمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- سوف تستفيد منه، وسوف تتحسَّن كثيرًا، وتوجد أدوية أخرى، إذا اختار لك الطبيب دواءً آخر فأرجو أن تتبع ما يذكره لك الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً