الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من تعلّقي بامرأة أعطتني الحنان وتمن علي

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من تعلّقي بامرأة أعطتني الحنان الذي افتقدته من أمي، وأخبرتني أنها دائماً بجانبي وأنا أخبرها بكل مشاكلي وأحوالي، وصارت تقول: إنها تحبني كحبها لأولادها تمامًا، تعلقت بها كثيراً لكن بعد فترة صارت تؤذيني وتمنّ علي أنها تعطيني من وقتها، وتقول لي إنها مشغولة دائماً، لكن في المقابل ترجع وتقول لي إنها تحبني وأنا ابنتها.

مع العلم أني أرى صورها مع أولادها وهم يذهبون في نزهات دائماً فأحزن لأنها تمنّ علي كل ما كلّمتها، وتخبرني بأنها امرأة مشغولة، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Makka حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:
جزى الله هذه المرأة خيراً على ما قدمته لك، وحبك لها ينبغي أن يكون منضبطاً، فهي وإن أحسنت إليك ليست بأمك، وليس صحيحاً أنها تحبك كما تحب أبناءها، ولكن ما تقوله لك من باب المبالغة والمواساة ومراعاة لمشاعرك.

عليك أن تتقبلي التعامل مع هذه المرأة كما هي عليه، ولا تكثري عليها من الطلبات أو ذكر مشاكلك أو احتياجاتك حتى لا تجرح مشاعرك ببعض الكلمات، واجتهدي في أن تستغني عنها قدر الإمكان.

أكثري من الدعاء لها في ظهر الغيب، وامدحيها بما فيها من الصفات الحسنة أمامها، واشكريها على ما قدمته وتقدمه لك، فلعل الثناء عليها والدعاء لها يشعرها بأنك لا تنكرين جميلها.

تحتاج هذه المرأة لمن يذكرها بطريقة حكيمة بأهمية الإخلاص لله فيما تقدمه من الأعمال الخيرية، ومساعدة الناس، وتذكيرها كذلك بأن المن وتذكير من قدمت له أي إحسان بأنها قدمت لهم كذا وكذا سبب من أسباب بطلان العمل، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ).

تعلقي بخالقك الذي بيده مقاليد الأمور، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، واطلبي حاجتك من ربك سبحانه وتعالى، فالاستغناء عن الخلق عز للمؤمن، فقد ورد في الحديث: (واعلم أن شرف المؤمن في قيام الليل وعزه في استغنائه عن الناس).

أوصيك أن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فالحياة الطيبة لا توهب إلا لمن اتصف بذلك، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ومن الحياة الطيبة ألا يحوجك الله لأحد من الخلق، وإن احتجت قيض لك من يخدمك دون أذى ولا من.

لعلك بالغت في كونك لم تجدي من أمك الحنان، وإلا فإن الأم تحن على أولادها بالفطرة، وتذكري كيف عانت في تربيتك وتنشئتك، أليس ذلك لأنها تحبك وتحن عليك؟! فإن كانت أمك تعيش (حية) فاقتربي منها وبريها وساعديها في أعمال البيت وستجدين منها الحنان بإذن الله تعالى.

احذري من الذنوب صغارها وكبارها فإنها تجلب للعبد المصائب ونكد العيش في هذه الدنيا، وأنصحك ألا تبقي تتبعين حياة هذه المرأة وما تفعله في بيتها أو (لأولادها)، لأن ذلك سيسبب لك الحزن، واجتهدي في الابتعاد عنها بالتدريج وستجدين رفيقات صالحات، بإذن الله تعالى يعوضنك عن صحبتها.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً