الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سئمت الحياة ومزاجي متعكر بصورة دائمة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

سئمت من الحياة، فلدي اكتئاب ووسواس قهري مزمن منذ ٢٠ عاما، وتناولت الكثير من الأدوية آخرها السبرالكس والفافرين والأنافرانيل والفلوتين والكوجنتول، ولكن دون جدوى، حيث أن مزاجي متعكر ودائم التفكير في أتفه الأسباب، وأشعر بالقلق والخوف من كل شيء.

أفيدوني بعلاج أو دواء حتى أستطيع العيش، حيث أني لم أعرف طعم الحياة منذ كان عمري 10 سنوات، وأرغب في علاج موجود في مصر.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أريدك أن تعتمد فقط على الأدوية في العلاج، الأدوية تساهم وتساعد؛ لكن الإنسان يستطيع أن يُغيّر نفسه، مثلما تُوجد كآبة وقلق وتوتر يُوجد -الحمد لله تعالى- انشراح وانبساط واسترخاء، الكون فيه ثنائيات عجيبة جدًّا، كل شيء يُقابله شيء آخر، الكدر والسوداوية يُقابلها الفرحة والانبساط، وهذا موجود، والإنسان يمكن أن يستجلبه لنفسه، لأن السعادة تُصنع لا تأتي لوحدها، الله تعالى حباك بطاقات كثيرة وعظيمة، ودعانا إلى أن نتغيّر، وبيَّن أن التغيير لا يأتي من قِبل غيرنا، فقال: {إن الله لا يُغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}.


فيا أخي الكريم: لا تنظر للأمور بسوداوية، كلمة أو جملة (سئمتُ الحياة) هذا أمرٌ جلل، هذا ليس سهلاً أن تقول مثل هذا الكلام، لماذا؟ استوقف نفسك، لا تترك الشيطان يتلاعب بك ويغرس في وجدانك وكيانك مثل هذا الفكر السلبي، أنت أفضل ممَّا تتصور، لديك المقدرة، وأنت في بداية سن الشباب، لديك طاقات، وحتى إن كانت حالتك قد استغرقت وقتًا أو كانت حالة مزمنة فالإنسان يتغيّر، الإنسان يتطور، الإنسان ينضج.

أرجو أن تُغيّر نفسك فكريًّا، وهذا هو المهم، وبعد ذلك اجعل لحياتك معنى، ما هدفك في الحياة؟ اجعل للحياة هدف، انخرط في عملك، طوّر مهاراتك، تزوّج، احفظ شيئًا من القرآن ويا حبذا كلّه... هذه كلها أهداف سامية وعظيمة جدًّا. احرص على بر والديك، وأرجو منك أن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تتواصل اجتماعياً، وأن تبني صدقات... هذا كله علاج.

أمَّا فكرة الوسواس فالوسواس يُحقّر، ولا يُتبع، ويُغلق عليه تمامًا، لا تناقشه، لا تُحاوره، لا تنفِّذه، هذه هي أسس علاج الوساوس.

أمَّا بالنسبة للأدوية: فالأدوية تساعد، لكن الإكثار منها ليس أمرًا صحيحًا، والدواء يجب أن يُعطى الفرصة الكافية ليؤدي فعاليته، الآن أنا أقترح عليك عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت)، ويُسمَّى تجاريًا أيضًا (لسترال)، وله أسماء تجارية أخرى، وهو موجود في مصر وفي كل الدول.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً - أي نصف حبة - لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم مائة مليجرام ليلاً - أي حبتين - يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية المناسبة بالنسبة لك، علمًا بأن الجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى مائتي مليجرام في اليوم - أي أربع حبات - لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة.

استمر على جرعة المائة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، بأن تكون جرعة العلاج حبة واحدة (خمسون مليجرامًا) ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خفضها إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

ويمكن أن تُعزِّز فعالية السيرترالين من خلال تناول دواء آخر بجرعة صغيرة، هذا المدعم للسيرترالين يُعرف باسم (رزبريادون)، تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

أمَّا إن كانت لديك صعوبة في النوم فمن الأفضل أن تستبدل الرزبريادون بعقار (كواتبين) بجرعة خمسة وعشرين إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين أو ثلاثة.

الخيارات العلاجية كثيرة جدًّا، لكن ركّز على العلاج السلوكي الإرشادي الذي ذكرته لك أولاً، والأدوية تفيد وتساعد لكنها ليست العلاج الوحيد.

وللفائدة راجع هذه الروابط: (234086 - 2349095 - 2161502 - 2269817 - 2117098).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً