الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أعراض وأشك أنني ممسوسة، فهل هذا صحيح؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من ألم في ظهري، وتبين بالأشعة إنها مشكلة في العظم العجزي، كما أعاني من آلام الدورة الشهرية وغازات ومغص ورغبة شديدة في الجنس، وأحس بحرقة في ظهري وبطني، ونبض في كل جسمي، وتيبس أصبع يدي الصغير بسبب كسر أصبت به منذ سنة، وكل هذه الأعراض منذ 4 أشهر، أعراض غريبة لم أتعرض لها من قبل.

عملت فحص الدم وسونار البطن والمهبل وجرثومة المعدة، وكلها سليمة، فهل المشكلة في الهرمونات أم هي غازات في البطن؟ علما بأني أسمع أصواتًا من بطني، فهل أنا مصابه بالعين أو المس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الشكوى عندك -يا ابنتي- متشعبة والأعراض فيها غير نوعية، أي إنها لا توجه إلى مرض معين، ومن مراجعتي لاستشاراتك السابقة تبين لي بأن لديك مشكلة نفسية وقد تناولت علاجا لها، وكونك قد راجعت الأطباء وتم عمل كل ما يلزم لك من تحاليل وتصوير ولم يتبين أي سبب عضوي سوى انحناء في عظم العجز -وهذا لا يمكن أن يكون سببا لكل الأعراض التي تشتكين منها-، لذلك فإن الشك يصبح كبيرا بأن سبب الأعراض عندك هو سبب نفسي، فمن المعلوم بأن القلق والاكتئاب والرهاب وغير ذلك من الأمراض النفسية قد تتظاهر بأعراض جسدية وعضوية تشبه كثيرا الأعراض التي تحدث في بعض الأمراض، ويصعب التفريق بينها في كثير من الأحيان.

نعم -يا عزيزتي- إن اضطراب الهرمونات قد يكون سببا في بعض الأعراض التي تحدث عندك، فإن لم تكوني قد عملت تحاليل هرمونية فيجب عملها الآن للتأكد من عدم وجود اضطراب في عمل بعض الغدد وأهمها:الغدة الدرقية والنخامية والكظرية، والتحاليل هي:
LH-FSH-TOTAL AND FREE TESTOSTERON- TSH-FREE T3-T4-PROLACTIN-DHEAS، ويجب عملها في ثاني أو ثالث يوم من الدورة وفي الصباح.

إذا تبين وجود أي خلل فيجب علاجه أولا وستتحسن الأعراض عندك، أما إذا كانت التحاليل سليمة، فهنا يتأكد لنا بأن سبب الشكوى هو سبب نفسي، وهذا يعني بأن حالة الاكتئاب قد عاودتك ثانية، لكن ترافقت الآن مع حالة من القلق والأفكار الإلحاحية التي ظهرت على شكل شعور برغبة جنسية شديدة، والحقيقة هي أن هذه الأفكار وهذه الرغبة الجامحة المستمرة نحو الممارسة الجنسية لا تكون رغبة حقيقية في مثل هذه الظروف النفسية -طالما أنك لا تعرضين نفسك للمثيرات الجنسية-، بل هي عبارة عن آلية تعويضية لا شعورية تهدف إلى التخلص من الظرف المقلق أو المحزن الذي تكونين فيه في ذلك الوقت، فذهنك حينها يبحث عما يعطيه شعورا بالسعادة والنشوة للخروج من تلك المشاعر السلبية، والممارسة الجنسية هي أحد الطرق التي يمكن أن تحقق ذلك.

لذلك أرى -يا ابنتي- بأنه من الضروري مراجعة طبيبك أو طبيبتك التي كانت تتابع حالتك، وذلك من أجل تقييمها من جديد، فعلى الأرجح بأنك ستحتاجين إلى علاج دوائي، بالإضافة طبعا إلى العلاج السلوكي المعرفي والذي ستقوم الطبيبة بشرحه لك، وعمل جلسات خاصة لتدريبك عليه، ومبدأ هذا العلاج يعتمد على تشتيت وتحقير الأفكار الوسواسية الجنسية وعدم تعزيزها، فمثلا: عندما تراودك قولي لنفسك بصوت تسمعينه:( أعلم بأن ما يراودني الآن من أفكار جنسية أو من رغبة جنسية جامحة هو عبارة عن أفكار وآلية تعويضية تتسلط علي، لذلك لن أدع هذه الأفكار تأخذ حيزا كبيرا في ذهني، بل سأدعها تمر مرورا عابرا ولن أتعمق فيها)، ثم انهضي من مكانك وغادريه إلى مكان آخر.

واشغلي نفسك بعمل تحبينه مثل تحضير كوب شاي أو وجبة طعام أو مهاتفة صديقة تحبينها، أو مشاركة العائلة جلستها أو أي عمل آخر تحبينه ويناسب ظروفك، هنا سيحدث تشتيت لهذه الوساوس أو الرغبات الجنسية، وستنصرف عن ذهنك وسيحل مكانها أفكار جديدة، ومع التكرار سيتشكل في ذهنك منعكس عصبي جديد يجعلك تشتتين الأفكار أو الرغبات الجنسية غير الطبيعية قبل تمكنها منك، والمهم هو أن تنجحي في أول مرة، لأن النجاح الأول سيعطيك دفعة إلى الأمام، وسيجلب لك نجاحات أخرى، وهذا سيزيد ثقتك بنفسك، وسيعيد لك تقديرك لذاتك.

وعندما يتم علاج حالة الوساوس الجنسية عندك بشكل جيد عن طريق العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي، وعندما تتم السيطرة على المرض الأصلي، ستختفي كل الأعراض الناتجة عنه -بإذن الله تعالى-.

أسأله عز وجل أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً