الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر بالانتحار والتخلص من حياتي الشنيعة، أرجو المساعدة.

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 18 سنة، أفكر بالانتحار بشدة، لا أحد يحبني، هذا ليس شعورا إنما واقع أعيشه منذ زمن طويل.

في الحقيقة أنا جداً انطوائية، وأعتقد بأن هذا هو السبب، فلا أحد يتقرب مني بسبب أنني انطوائية وأحب الجلوس مع نفسي كثيراً، وسبب انطوائيتي هي والدي الذي كان يضربني ويعنفني في صغري، إلى أن أصبحت معقدة جدًا، وانطوائية إلى حد كبير، وأعلم بأنني يجب علي تغيير تلك العادة ومخالطة المجتمع، ولكن في كل مرة أخالط المجتمع وأقابل الأشخاص أشعر بأنهم مختلفين جداً عني في كل شيء، حتى أنني أظل صامتة عندما أجلس بينهم، أصبحت لا أعرف كيف أتكلم، وأصبحت مدمرة بالكامل.

أردت الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكن والداي عائق كبير في حياتي، فلا يسمحوا لي، ولكنني أريد بشدة الذهاب للطبيب، حتى أصبحت أشعر بأنني أريد الذهاب إلى مصحة نفسية بسبب المشاكل التي حصلت لي، وحاولت التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولكنني لم أر النتيجة، حتى أصبحت أشعر بأن الله أيضا لا يحبني.

في الفترة الأخيرة سافرت بدون والدي، ولأنني بعيدة عنهما ارتكبت المحرمات التي حرمها الله، وأشعر بأن الله غضب علي، ولكنني كنت مدمرة في هذا الوقت، ولم أعلم ماذا أفعل، ولا أستطيع التقرب إلى الله بعد الأفعال التي فعلتها، أشعر بالخجل من رب العالمين، وأنه -سبحانه- غضب علي.

أشعر بالوحدة، وأفكر بالانتحار بشدة، ولا أريد هذه الحياة الكريهة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hadeel حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت:

- بداية عليك أن تصلحي حالك مع الله، بالعمل على طاعته، والتوبة الصادقة بما حصل منك من ذنوب ومعاصي، فهذا اول الطريق في أن تكوني سعيدة ويتغير حالك إلى الأحسن، قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، وحتى يقويك الله على التغلب على مشكلتك ويفرج عنك، قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".

- بخصوص ما كان في الماضي وما كان يعاملك به أبوك -كما ذكرت-، من الأولى وأنت فتاة بالغة عاقلة أن تسامحي أباك مما حصل منه، ولا تفكري أبدا بما حصل، واجتهدي على نسيان ما فات حتى تسعدين في بقية عمرك، وتذكر الماضي الأليم إنما ذلك من مداخل الشيطان حتى تصابي بالحزن والكآبة، ثم تصبح حياتك تعيسة.

- لا شك أن من الأحسن الذهاب إلى طبيب نفسي للنظر في حالتك، وما يمكن أن يقدم لك من نصائح، حاولي أن تعجلي في الأمر ولا تتأخري من أجل صحتك النفسية.

- بخصوص السفر دون محرم، ودون علم الوالد، ثم حدث منك معاصي في السفر، كل هذا ولا شك يغضب الله؛ لأن الفتاة يجب أن تسافر مع محرم لها، وأن تستأذن أباها، وأيضا ما كان يصح منك أن تفعلي ما فعلت من معاصي، ولكن مع كل هذا لا ينبغي أن تيأسي من رحمة الله، عودي إلى الله وتوبي مما حصل، وأكثري من الاستغفار، فالله غفور رحيم، واعتذري من أبيك مما حصل.

- وبخصوص حب الناس لك هذا شعور يمكن أن يزول عنك، إذا كنت مقبلة على طاعة الله، وخرجت للقاء بهم بنفس طيبة، قال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا"، فمعنى الآية أن من آمن بالله وعمل الصالحات، سيجعل له الرحمن محبة ومودة في قلوب عباده.

- ومسألة التفكير في الانتحار، هذا أمر أتمنى أن لا تعودي إلى التفكير فيه، فإن مسألة التفكير في التخلص من الحياة بالانتحار، تفكير خاطىء، وفيه إثم عظيم عند الله، ففيه خسارة الدنيا والآخرة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنّم خالدا مخلدا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» متفق عليه، فأرجو قطع التفكير في هذا الأمر، فهذا من القنوط من رحمة الله، ومن مداخل الشيطان على النفس، وعليك بالاستعاذة بالله من هذه الوساوس الشيطانية، والزمي كثرة الذكر والاستغفار.

- وأخيرا: فأرجو أن تعلمي أن التوفيق في حياتنا يحصل بأسباب كثيرة، ومن ذلك تقوية الإيمان بالله، والمداومة على العمل الصالح، والمحافظة على الذكر، وقراءة القرآن، والبر بالوالدين، وعمل الخير للناس، وبذل الأسباب المشروعة فيما نريد فعله من أمور حياتنا، مع التوكل على الله، فإذا قمتِ بهذه الأمور، ستكونين موفقة -بإذن الله-.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً