الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرضت للاغتصاب في صغري، فكيف أتخلص من آثار الماضي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 23 سنة، تعرضت للاغتصاب من أحد أقاربي في عمر الخامسة، وبسبب ذلك أصبحت شخصية انطوائية، ويصعب علي مخالطة الناس بسهولة، وحساسة جدا لا أتحمل أية كلمة، حيث أبكي بسرعة، وأرى كوابيس في المنام.

حاولت أن أغير من نفسي، لكن لم أستطع أن أنسى الماضي، وخاصة أن هذا الشخص أراه بين فترة وأخرى، حاولت أن أتعايش مع الناس، لكن البكاء لا أستطيع التحكم فيه، خاصة لو جرحني أحد بكلامه، ودائما عندما أرى هذا الذي أجرم في حقي ينتابني الخوف، وأحاول ألا أظهره أمامه، فكيف أتخلص من كل هذه المشاعر، وأكون طبيعية مع الناس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وحقيقة أنا أتعاطف معك جداً، لأن الامتهانات الجنسية والإساءات الجنسية والاعتداءات الجنسية في فترة الطفولة واليفاعة لها تباعات سلبية على نفس الإنسان، وقد تؤدي إلى ما يعرف بعصاب ما بعد الصدمة، والذي يظهر في شكل توتر وقلق وأحلام مزعجة وانطوائية وكثير من عسر المزاج، لكن -الحمد لله تعالى- يوجد من تخلصوا من هذا الأمر تماماً، و-إن شاء الله تعالى- أنت تكونين منهم.

أولاً: الاعتداء الذي حصل أنت لم تكوني معتدية، أنت كنت ضحية، فلا ذنب ولا أثم عليك -إن شاء الله تعالى-، وهذا الأمر موجود في المجتمع بكل أسف، وأنا أعرف الكثير من الذين تعرضوا لنفس تجربتك هذه، لكن بعد ذلك استطاعوا أن يستفيدوا من هذه التجربة السلبية والمريرة استفادوا أن يثبتوا ذواتهم، وأن يرفعوا همتهم، وأن يصلوا لأفضل الدرجات العلمية، والمؤهلات، وأن يكون لهم مساهمات اجتماعية ومجتمعية وأسرية إيجابية، أعرف من تعرضوا لهذا الشيء وبنوا أسرهم وعاشوا حياة طيبة وناجحة.

أنا أريدك أن تكوني من هؤلاء، ومجرد التفكير بهذه الكيفية الإيجابية التي ذكرتها لك سوف يجعلك -إن شاء الله تعالى- من الناجحين ومن الموفقين.

مشاهدة الشخص هذا قطعاً في حد ذاته قد تثير عندك ذكريات سلبية، لكن هذا الأمر ليس بيدك أبداً، يجب أن يكون شخصاً بغيضاً إلى نفسك، وحاولي أن لا تجعليه أبداً جزءا من تفكيرك، لا أقول لك ابني كراهية حياله أو شيء من هذا القبيل، لأن التسامح والصفح أيضا هي من السمات الجميلة والسمات الطيبة، لكن على الأقل إن لم تستطيعي أن تسامحيه ابني شيئا من الحيادية الداخلية في نفسك حياله، وهو معتدي وجزاءه عند الله تعالى.

أرجو أن تجعلي لحياتك معنى من خلال التواصل الاجتماعي الإيجابي، ادخلي في مشروع لحفظ القرآن الكريم مثلاً، كوني باره بوالديك ويجب أن تكون لك أنشطة يومية داخل المنزل هذا مهم جداً جداً، تجنبي السهر، تجنبي تناول الميقظات كالشاي والقهوة في فترة المساء، اجتهدي في دراستك والتعليم والدين هي من القيم الإنسانية العليا التي حين يكتسبها الإنسان لا أحد يستطيع أن ينزعها منه، فاحرصي واجعلي هذا منهجك في الحياة.

هنالك دواء ممتاز جداً يسمى السيرترالين، هذا الدواء وجد أنه يفيد كثيراً في عسر المزاج والانطوائية الناتجة من عصاب ما بعد الصدمة، أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة و-بفضل الله تعالى- هو غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، السيرترالين يتم تناوله بجرعة نصف حبة أي 25 مليجراما يومياً من الحبة التي تحتوي على 50 مليجراما، تتناولين هذه الجرعة الأولية لمدة 10 أيام، بعد ذلك تجعلين الجرعة حبة واحدة يومياً لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم يتم التوقف عن الدواء.

جزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً