الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعور الفتاة بالإحباط لخروج الشاب الذي أحبته مع غيرها من الفتيات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أتمنى أن يجيب الشيخ موافي عزب على استشارتي مع احترامي للجميع وتقديري لهم.

كنت فتاة لا أحب أن أقحم نفسي بالعلاقات، ولم أكن أقتنع بها ولكن من كثرة ما أرى مما يتصرفه الفتيات فترى تلك رغم أنها تخرج مع شاب غريب وتتحدث بغنج معه إلا أنه يخطبها ويتزوجها ويحبها، أما العاقلة الملتزمة فتجد من الصعوبة أن يقدرها أحد ويعتبرونها معقدة إلا القلائل الذين يهتمون بالجمال العالي.

بذلك الجو بدأت أضيع، وذلك بدأ منذ ثلاث سنوات، حيث إني فتاة متوسطة الجمال ومتعلمة وملتزمة، وقد تقدم لي الكثيرون ولم أجد نفسي مع أي منهم، ولا أعلم إذا كنت أريد أشخاصاً لا يناسبونني أم ماذا؟ مع أني لا أريد إلا شخصاً يحمل أفكاري ومتوسطا مثلي، ويخاف الله، ولكن لم أجده إلى الآن، فقررت أن أبحث عنه، فعرفت خلال فترة شباباً ولكني لم أكن أخرج معهم أو أحادثهم بشيء غلط، وكلما حاولوا الحديث بشيء خطأ أمنعهم لأني أشعر بالذنب إذا سمحت بذلك، وكان كل هدفي أن أجد بينهم الشخص الذي أستقر معه وأعيش حياتي بهدوء وكل هدفي كان الاستقرار.

ولكن لم أجد في أي منهم من أريد، وكنت أفشل، ولا أعني أني كنت أعرف الكثير ولكن كانوا شابين، وبعدها قررت أن أبتعد لأن هذا الشيء لم يوصلني بمن أريد، ولكن قبل فترة لاحظت أن شاباً ينظر لي بنظرات مختلفة، وبكل صدق كان جميلا جداً، وشعرت أنه هادئاً وكان يعمل بنفس المكان الذي أعمل به، وكان يصلح الكمبيوتر عندي إذا تعطل مع أنه في دائرة أخرى.

وشيئاً فشيئاً أصبحنا نبعث لبعض المسجات العادية على الموبايل، وأفهمته أنه مجرد إنسان وأخ عندما أحتاجه سأسأله لأني لا أريد أن أدخل بعلاقات وقصص لا فائدة منها، وكانت هذه قناعتي بعد ما مررت به سابقاً، وبعد فترة طلب مني أنه إذا قررت أن أخطب أن أقول له، وأصبحت أشعر بتقربه مني، والمشكلة أنه كان هادئاً، ولم أره مع أي فتاة بالعمل، وقال لي: إنه لا يجيد التعامل مع الفتيات، ولاحظت أنه لا ينتبه لهن.

وبعد فترة اعترف لي أنه يحبني، وكان بالكاد يستطيع قولها، فشعرت بصدقها، وكان كل فترة يراقبني، ولا أستطيع أن أنسى نظرة عينيه، وشعرت بصدق حبه، ورغم أنه اعترف بذلك لكني لم أرض أن أخرج معه، وكانت مكالماتي معه قليلة جداً، ولم نتحدث بكلمات الحب وإنما بأمور عادية، وكان دائماً ينتقد لبسي إذا كان به شيء خطأ، ويقول أني دائماً يجب أن يكون لباسي ملتزماً، ويغار إذا حاول أي أحد التقرب مني.

وبعد فترة من الزمن أحسست أنه بدأ يبعد قليلاً مع تمسكه بأني له، فسألته إذا تسرع أن ينسحب فقال أن كل القصة أنه لا يجيد التعامل مع الفتيات وبأنني أنا من جعلته عاطفياً، وبعد فترة تقدم لي شاب ليخطبني ووافق عليه الجميع إلا أني استخرت كثيراً وصدقاً رفضته ليس من أجل هذا الشخص لأنني لا أثق بأحد وإنما لأنني لم أرتح، وكان هذا الشاب الذي رفضته غير ناضج وأحسست أنني أكثر فهماً منه وأنه لا يناسبني، ولم أرفض إلا بعد أن استخرت ولكني قلت لنفسي يجب أن أقول له، وعندما حدثته بأني سأرتبط صمت، وأجابني لماذا لا أرفض، وأحسست أنه يريدني، وعندما تحدثنا قال أنه ما زال يدرس فهو يصغرني بعام وحتى أهله لن يرضوا، ومن ثم فكر بأن يطلبني من أبي فقط وحده ثم قال أنه لن يستطيع، وقال لي أنه يعرف أنه يحبني ولم يجد فتاة بشخصيتي، ويعلم أني سأفعل الصواب.

كنت أحس أنه متدين ولم يكذب علي وقال لي: أريد أن تتأكدي أني لم أضحك عليك وإلا لكنت أبعث لك الكثير من المسجات وأتحدث معك كثيراً، وبعد فترة مرض أبوه وأخذت أتصل به فقط للاطمئنان عليه، ولكن كانت المفاجأة أني في يوم اتصلت به وإذا هو يقول لي أنه مع صديقته وحبيبته، وأنا أعلم أنه لم يقل لي أياً من هذه الكلمات، وليس هذا من طبيعته، ومن ثم طلبت التحدث إليها وتكلمت معي وأغلقت السماعة، وأنا معتقدة أنه مجرد مقلب لأني أعرفه منذ سنة ونصف، وهو ليس من هذا النوع، وقد كانت الساعة 9 مساء، فكيف يكون معها؟

وفي اليوم التالي تحدثت إليه كي أعرف الحقيقة، فقال لي: إنه يعرفها منذ خمس سنوات، وشعر أنه يحبها منذ 9 أشهر، وقد أحبني بنفس الفترة، وقال: إنه لم يقل لي كيلا يجرحني، وقلت له: كيف تقول: إنك تحب فتاة تخرج معك ليلاً؟ فقال أنه يأخذها من بيتها وأمها تعلم، فقلت له كيف؟ أهناك بيت مسلم يرضى بذلك؟ وقلت له أنه يلعب بمشاعر البنات فأقسم بالله أنه لم يعرف سوانا أنا وهي، أنهيت المكالمة بحسبي الله ونعم الوكيل وأني لا أسامحه، ولكني مصطدمة كيف أني لم أميز كذبه من عيونه ولي معه سنة ونصف، ولكن كنت أشعر بصدقه، فهل ممكن أني كنت أتهيأ مع خبرتي بالناس وشعوري الصحيح دائماً به؟ أممكن أن يكون متقلباً، أنا مصدومة جداً، هل أنا غلط بهذه الحياة؟ حيث إني لم أخرج معه أو حتى أتحدث بغلط وهي الصح والتي أخذته مني، لماذا؟ كيف؟ قررت ألا أعرف أحداً ولكني أريد نصيحتكم فكيف أواجه المشاعر السلبية والصدمة فأنا دائمة البكاء وأشعر أني سأموت؟ ماذا أفعل؟ ساعدوني أممكن أن يكون الناس كاذبين لهذه الدرجة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يستر علينا وعليك في الدنيا والآخرة، وأن يمن عليك بزوجٍ صالح يعرف قدرك ويحسن معامتك.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن أخلاق الناس وعاداتهم قد تعرضت لكثير من التغيير والانحطاط حتى أصبحت بعض التصرفات المحرمة أو الغير مقبولة عرفاً أو التي كان الناس جميعاً ينكروها أصبحت شيئاً مألوفاً وأمراً مشرعاً، وهذا هو ما يجعل أصحاب المبادئ من أمثالك يشعرون بنوع من الإحباط والقنوط، إذ كيف تسير الأمور بهذه الصورة وتلك الطريقة، وهذا هو سبب معاناتك ومعاناة الكثيرين من أمثالك ممن أكرمهم الله بالتزام الضوابط الشرعية والحرص على الثوابت الإسلامية، وعلى قدر انتشار هذا الفساد سوف تزداد معاناة أصحاب المبادئ والقيم؛ لأن كل شيء سيصبح في غير محله ويُعالج بطرق معوجة، ومن ذلك ما ذكرتيه من خروج هذا الشاب مع فتاةٍ ليس بينه وبينها أي رباط شرعي وفي وقت متأخر وبعلم أمها، أمور لا تكاد تصدق لولا وقوعها وكثرتها مع الأسف الشديد؛ لأن هذه الأم المسكينة ظنت أن هذا الأسلوب هو الأمثل في الحصول على عريس الغفلة، وأنه لابد من إغرائه واستمالته حتى ولو حدث من التجاوزات الشرعية والأخلاقية، المهم ألا يفلت منك، وأن تحاولي إعطائه ما يريد حتى لا يتركك ويتجه إلى غيرك، وهذا مع الأسف الشديد أصبح نمط تفكير الكثير من البشر، ونسي هؤلاء أن مسألة الزواج مثل غيرها من مسائل الأرزاق، وأن الله كتب على كل امرأةٍ حظها من الرجال والعكس، وأننا مهما حاولنا لا يمكن لنا أو لغيرنا من أهل السماوات والأرض أن يغيروا شيئاً قضاه الله وقدره، وهذا هو المعنى الحقيقي للإيمان بالقدر، ومما لا شك فيه أن هذه الحالة المزرية هي النتيجة الحتمية لعدم فهم عقيدة القضاء والقدر بطريقةٍ صحيحة وسليمة، وستظل الإنسانية كلها تُعاني، بل وستزداد معاناتها يوماً بعد يوم ما دامت تبتعد عن الإسلام وقيمه ومبادئه.

لذلك أقول لك أختي أمل: لا تغتري بكثرة الهالكين، ولا تبيعي نفسك بثمنٍ بخس لمن لا يستحق ذلك، ولا تستعجلي قدر الله، واعلمي أن ما عند الله لا يتوصل إليه بمعصية الله، وأن الله يحب التائبين ولا يحب الخائنين، وأنه يكرم أوليائه على قدر استقامتهم على منهجه وشرعه، وثقي وتأكدي من هذا الشاب لو كان من نصيبك عند الله فلابد أن يكون لك مهما كانت الظروف والأحوال، ولعل الشخص المقدّر لم يظهر بعد، وربما يظهر خلال هذه اللحظات أو تلك الأيام، المهم أن المقسوم لك آتيك لا محالة، فلا تشغلي بالك بهذه المسألة، وعليك بالتمسك بما أكرمك الله به من قيمٍ ومبادئ، ولا تفرطي في ذلك مهما طال الزمن، واعلمي أن هؤلاء الفتيات اللواتي تزوجن مع سوء أخلاقهن ما تزوجن إلا أمثالهن ممن لا قيم ولا مبادئ لديهم، وأن هناك من ذوي القيم والمبادئ من تعب في البحث عن إنسانه مثلك، ولعل وعسى أن يوفقك الله لرجلٍ صالح من هؤلاء تؤسسين معه شركة إسلامية ربانية مباركة قوامها القيم والمبادئ والمثل، ترفرف السعادة عليها من جوانبها، وتكون جنة في الدنيا قبل الآخرة، فاجتهدي في الدعاء أن يرزقك الله زوجاً صالحاً، ولا تفرطي في قيمك فأنت على خير.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً