الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في أن أكون ما أريد، فأي طريق أسلك؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا إنسانة أتمنى أن أحقق أحلامي، أتمنى أن أكون كاتبة وشاعرة، وأن أدرس؛ لأني منذ ولدت لم أدخل المدرسة، تعلمت في المنزل.

سؤالي هو كيف يتغلب المرء على الكسل ويجاهد نفسه لكي يحقق ما يريد للعلم؟ أنا كسولة جدا، ومُهملة لنفسي كثيرا، لكن لدي بصيص أمل وهو أن أعود قوية وأستطيع مواجهة المصاعب مهما كانت، فكيف يمكنني مواجهتها؟ وكيف أجاهد نفسي لكي أعتاد على التعب حتى يصبح شيئا لذيذا؟ وهل من أدوات للنجاح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ميم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أحييك -يا ابنتي- وأشكرك على تواصلك معنا وطلبك للمساعدة، فمن الواضح بأنك إنسانة لديها آمال طموحات كبيرة وهذا شيء جميل.
والحقيقة هي أن مرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية هاملة في حياة الإنسان فالمراهق قد يبدو من الناحية الجسدية وكأنه قد بلغ مرحلة النضج النهائي إلا أن العلم قد أظهر بأن النضج الفكري والذهني لا يكتمل إلا في منتصف العشرينات من العمر؛ لأن الجزء الأمامي من الدماغ لا يتوقف عن النموه عند عمر 18-20 كبقية أعضاء الجسم بل يستمر بالنمو وبتشكيل الاتصالات العصبية بين خلايا الدماغ، وهذا الجزء من الدماغ (الجزء الأمامي) تحديدا هو المسؤول عن المشاعر واتخاذ القرارات والتحليل المنطقي للأحداث، وأيضا التحكم بالنفس والمثابرة في السلوك وبالتالي فإن هذه الوظائف الهامة قد لا تكون في أحسن حالاتها في سن المراهقة، وأنا أقول لك هذا الكلام ليس لأبرر لك تصرفاتك ومشاعرك السلبية بل لتكوني مطلعة علميا، فلا تحكمي على نفسك مبكرا أو تستسلمي من الآن وحتى تعملي كل ما بوسعك للسيطرة على هذه المرحلة العابرة وعدم تركها للتحكم في مسار حياتك.

إن شعورك بالكسل الدائم، وعدم القدرة على القيام بأي شيء على الإطلاق هو أمر غير طبيعي، وقد يكون ناجما عن حالة نفسية كالقلق أو الاكتئاب لكن وقبل القول بأن السبب هو حالة نفسية، فيجب دوما نفي وجود سبب عضوي أو مرض مثل: فقر الدم، نقص الفيتامينات والمعادن، قصور الغدة الدرقية وغير ذلك، لذلك أنصحك أولا بالتوجه إلى طبيبة مختصة بالأمراض الباطنية لتقوم بفحصك، وعمل بعض التحاليل وخاصة للغدة الدرقية وقوة الدم، وإذا تبين بأن كل شيء طبيعي فهنا يمكن القول بأن لديك حالة من الاكتئاب ولربما ازدادت مع مرورك بهذا الفترة الحساسة من العمر وشعورك بعدم القدرة على التعامل معها.

أنصحك باتباع ما يلي:
1- يجب عليك اتباع نظام حياة صحي فمثلا: يجب عليك النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، وتعريض نفسك إلى أشعة الشمس فترة لا تقل عن 20 دقيقة يوميا، مع ممارسة الرياضة يوميا لمدة ساعة وأفضل رياضة هي المشي السريع، فقد تبين بأن رؤية الضوء أو أشعة الشمس والرياضة تؤدي إلى تحسن في الحالة النفسية وتحسن المزاج، وذلك لأنها تؤدي إلى إفراز هرمونات السعادة.

وأيضا يجب الحرص على تناول طعام صحي وحمية متوازنة، والحمية إلى جانب ممارسة الرياضة ستساعدك في خفض وزنك؛ لأن وزنك زائد عن الحد الطبيعي المقبول لطولك ب بحوالي 40 كلغ ومن المعلوم بأن زيادة الوزن تؤدي إلى العزلة وقلة الثقة بالنفس، ومع الوقت تقود إلى حالة من الاكتئاب.

2- اجعلي لك دافعا نحو أي عمل يصعب عليك إكماله ثم تذكري هذا الدافع عندما يقل حماسك لإكماله فهذا الدافع سيستنفر همتك وعزيمتك لإكماله مثلا: إذا كنت ترغبين في أن تكون كاتبة أو شاعرة لكنك لا ترغبين في قضاء وقت في الدراسة فقولي لنفسك: إن الدراسة هي الطريق الوحيد الذي سيسهل علي الوصول إلى الكلية التي ستحسن من موهبتي وستعلمني قواعد اللغة العربية، وستكون فترة الدراسة فترة محدودة، وبعدها سأصبح كاتبة أو شاعرة مشهورة وسأمارس مهنتي لفترة طويلة.

3- اختاري هدفك أو طموحك بحيث يكون معقولا ويمكنك تحقيقه، واختاري ما ترغبين أنت بممارسته مستقبلا وليس ما يرضي الناس أو ينال إعجابهم؛ لأن المردود على نفسيتك في هذه الحال سيكون أكبر وطويل الأمد.

4- اكتبي هدفك على ورقة وأقرأيها كل صباح وتابعي التزامك فيها بشكل مستمر كل يوم، وعندما تجدي بأنك في ذلك اليوم قد أنجزت المطلوب منك، وقمت بكل ما في وسعك نحو تحقيق هذا الهدف فضعي إشارة (صح )على الورقة وعندما تفشلي بذلك - لا قدر الله- ضعي إشارة (خطأ)، والمهم هو أن تنجحي في الأيام الأولى لأنك سيتشكل أمامك خط مستمر من علامات الصح، وسيؤلمك تشويه هذا الخط الجميل والذي يمثل نجاحك وقوة إرادتك، وهكذا ستزاد عزيمتك على الاستمرار والمثابرة والنجاح سيجلب لك نجاحات جديدة بإذن الله تعالى.

5- بعد كل نجاح أو حصولك على علامة (صح) قومي بمكافأة نفسك بكلمات ثناء أو بفعل شيء تحبينه مثل: حضور حلقة من برنامج تلفزيوني هادف، أو زيارة صديقة تحبينها، أو شراء شيء كنت ترغبين به.

بالطبع -يا ابنتي- قد تحدث هفوات أو نكسات في بادئ الأمر، ولكن عليك بعدم الاستسلام فمع الاستمرار والمثابرة ستكونين قادرة على تغير عاداتك القديمة بإذن الله تعالى.

أسأله جل وعلا أن يوفقك الى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً