الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مترددة بين إكمال دراستي أو الزواج.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاما، تقدم لي بفضل الله الكثير من الخطاب، لكن كنت أرفض بحجة صغر سني، وبداخلي خوف من فكرة الزواج؛ لما رأيته من المشكلات الكثيرة التي تصحبه، وكثرة حالات الطلاق بالقرب مني، حتى أنني قررت ألا أتزوج، وأكمل دراستي، لكن الحرب في وطني تسببت بحرماني من الدراسة لمدة عامين، مما أثر على نفسيتي، وها أنا الآن أفاجأ بخاطب قريب لي، وقد مدحوه لي كثيرا في دينه وخلقه وتربيته، لكن المشكلة أنه يعيش بدولة ثانية ليست عربية، وسأضطر للسفر للزواج منه، وسأبتعد عن عائلتي -علما أن زيارتي لهم ستكون صعبة-.

أنا مترددة في اتخاذ القرار، رغم تكرار الاستخارة مترددة بين أن أكمل دراستي أو أن أتزوج هذا الشخص، أحب عائلتي ودراستي، لكنني أخاف ألا يأتيني شخص يخاف الله ويتقيه مرة أخرى،
أرشدوني ماذا أفعل؟

وجزى الله كل من عمل في هذا الموقع وساهم فيه الفردوس الأعلى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- العاقلة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، ويُسهل لك الحلال، وأن يُصلح الأحوال، وأن يعيد الأمن والأمان إلى بلاد المسلمين، وأن يُحقِّق لك في طاعته الآمال.

إذا كان هذا الشاب – كما ذكرتِ – صاحب دين، وقريب، وصاحب خلق، فلا عذر لك في التردد بالقبول به، ونسأل الله أن يسهّل أمرك، وأن يجمع بينك وبينه في الحلال، ونؤكد لك أن مسألة الزواج من المسائل المهمّة بالنسبة للفتاة، ولا يصحّ أن تتأخّر فيها خاصّة عندما يطرق الباب الشاب المناسب بالمواصفات التي ذُكرتْ، فلا تُضيّعي هذه الفرصة، واعلمي أن أهلك سيسعدوا جدًّا بسعادتك، وأن الزواج مفتاح سعادة الإنسان، واعلمي أيضًا أن الزواج ليس مانعًا من إكمال الدراسة، ولك أن تشترطي هذا الشرط على هذا الشاب الذي تقدَّم يطلبُ يدك، وتُبدي له رغبتك في أن تُكملي الدراسة مستقبلاً، فإن في الدراسة عونًا لك وله على صعوبات الحياة وعلى تعليم أبناءك -إن شاء الله- في المستقبل.

أمّا بالنسبة لخوفك من فشل الكثيرات في مسألة الزواج: فأرجو أن تنظري إلى الناجحات، ولا تُقارني نفسك بالفاشلات، واعلمي أن فشل الأخريات لا يعني أنك ستفشلين، فالإنسان يصنع هذا النجاح أولاً بتوفيق الله ربنا الفتاح، ثم ببذل أسباب النجاح، وإذا اجتهدت الزوجة في أن تكون في طاعة زوجها وفيما يُرضي الله تبارك وتعالى فإن الفلاح والنجاح سيكون حليفًا لها، لأن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، وما عند الله من خير واستقرار وتوفيق وسعادة لا يُنال إلَّا بطاعته.

فاحرصي على طاعة الله تبارك وتعالى، واجتهدي في القبول بهذا الذي طرق الباب، ثم اجتهدوا جميعًا في تيسير أمور الوصول إلى البلدة التي يكون فيها ذلك الشاب، وحقيقة الفتاة قد يصعب عليها أن تُفارق أهلها في البداية، لكن هذه هي الدنيا، وهذه سُنّة الحياة، أن الناس يجتمعوا ثم يتفرَّقوا ثم يجتمعوا ثم يتفرّقوا، والعاقلة – مثلك – تكسب صداقات وتكسب أهل في كل مكان تذهب إليه.

وأولى من تُهاجر إليه الزوجة وتُصاحبه الزوج الذي اختارها من بين سائر الفتيات، فلا تترددي في القبول، لأننا لا نؤيد كثرة ردّ الخُطّاب في كل الأحوال، والآن أيضًا كون الدراسة متأخرة هذا ممَّا يُشجّع فكرة الإقبال على الزواج حتى لا تتوقف الحياة، وسيكون في زواجك إن شاء الله سببٌ لإسعادك بحول الله وفضله ومَنِّه، فالعمر يمضي والفرصُ نادرة، ويندْر أن تجد الشابَّةُ في هذا الوقت شابٌّ صاحبُ دينٍ وصاحب خلق وتربية جيدة ويأتي إلى دارها من الباب ويطلب يدها ثم تُضيّع مثل هذه الفرصة.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم ندعوك إلى الاستخارة وإعادتها مرة أخرى، ولن تندمي بعد استخارتك واستشارتك لأهلك ولموقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك السعادة، وأن يعينك على الخير، وأن يُعيد الاستقرار والأمن والأمان إلى بلاد المسلمين، وأن يجمع الشمل، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً