الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت أكثر من عمل نتيجة الحالة النفسية الصعبة!

السؤال

السلام عليكم.

أرجو من الدكتور محمد عبد العليم جزاه الله كل خيرا أن يجيب على هذه الاستشارة.

أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما، في الثانوية العامة، زاد معي الخجل، وتطور للرهاب الاجتماعي، بعدها بفترة وأثناء الامتحانات أصابني خوف شديد، في أحد الأيام كنت عائدا من المدرسة، وأحسست فجأة أن العالم غريب، وكأنني في حلم، بعدها بدأت رحلة العلاج، حيث ذهبت لطبيب الأعصاب، وعملت صورة طبقية، ورنينا مغناطيسيا، وتخطيط دماغ، وقال لي الطبيب: عندك اضطراب بالدماغ، وأخذت تيجريتول وديباكين لعدة سنوات.

في هذه الأثناء درست في الكلية الدبلوم، وكنت أرى جميع من حولي وكأنهم وهم، بالنسبة لي عند الامتحانات لا أستطيع التذكر، وأصابتني زغللة في العيون في هذه الفترة، ومن يومها وأنا من طبيب لطبيب، وعندما أسأل ما هي حالتي؟ الكل يجيب إننا نريد التجريب، تناولت معظم الأدوية النفسية بدون نتيجة تذكر، ولا أحد يعلم حالتي.

تناولت البروزاك والسيبراليكس والزولوفت والريميرون وسوليان وافيكسور وفافرين وغيره الكثير، ومعظم الأطباء يغيرون لي الدواء كل أسبوعين، لدرجة أني فقدت الأمل، حالتي الآن اكتئاب شديد، وضعف ذاكرة، لدرجة أني أنسى ما فعلت في يومي، وقلق شديد، ووساوس، ورهاب اجتماعي، وشد بأعصاب الرأس والوجه، وشد على الأسنان، لم ينفع مع ذلك أي علاج، وخوف من كل شيء حولي، فقدت أكثر من عمل نتيجة الحالة النفسية الصعبة منذ سنين.

عرفت من خلال موقعكم أني أعاني من اختلال الأنية، خفت الحالة بدرجة 60 بالمائة، لكنها ما زالت موجودة، أتناول الآن زيروكسات 40 ملغ منذ أكثر من ستة شهور، واوليكسا 5 ولاميكتال 50 حبة صباحا ومساء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ akms حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونرحب بك في الشبكة الإسلامية.

لك استشارات سابقة، أجاب على معظمها الأخ الدكتور عبد العزيز أحمد عمر، وهو طبيب مقتدر ومتميز جدًّا، وقمتُ أنا بالإجابة على الاستشارة التي رقمها (2281176)، وأقول لك:

من الضروري جدًّا أن تكون لك قناعاتٍ أن حالتك ليست مستحيلة العلاج، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، وأن مقدراتك محفوظة، مقدراتك الفكرية ومقدراتك الوجدانية، حتى ولو انتابك اضطراب التركيز هذا، ولا أريدك أبدًا أن تتحسّر على الماضي، أو ما تناولته من علاجات، أو اللخبطة واضطرابات في التشخيص – كما ذكرت – تتعامل مع الأمور كما هي الآن، وتكون متفائلاً حول المستقبل.

وأنصحك – أيها الفاضل الكريم – لا تتنقّل بين الأطباء، خاصّة الأطباء النفسيين، التزم مع طبيب واحد، وتكون مراجعاتك معه متباعدة، لا أرى هنالك حاجة لمتابعة لصيقة، وأنا متأكد أن التجارب النفسية التي مرَّتْ بك فيما سبق هي نفسها أكسبتك مهاراتٍ نفسيّة، يجب أن تستفيد منها: كيفية التواؤم الاجتماعي، كيفية التفكير السليم، كيفية الاستفادة من الوقت.

ومن أهم الأشياء التي يجب أن تقوم بها هي أن تبحث عن عمل – أخي الكريم –؛ لأن قيمة الإنسان في العمل، وقيمة الرجل في العمل، والعمل هو البوّابة التي تؤدي إلى التأهيل النفسي والاجتماعي والارتقائي في حياة الإنسان.

نعم أعرف أن فرص العمل قد لا تكون كثيرة، لكن ابحث وابحث إلى أن يفتح الله عليك بوظيفة وبعملٍ مناسب، هذه نصيحتي لك.

والأمر الثاني: لا تُعطّل حياتك أبدًا، الإنسان هو أفكار ومشاعر وأفعال، الفكر السلبي يقود الإنسان إلى الشعور السلبي، وكلاهما يقوده إلى الفعل السلبي، لذا ينصح علماء السلوك أن يكون الإنسان منضبطًا مع نفسه، ومهما كانت أفكاره، ومهما كانت مشاعره سلبية يجب أن يكون مُنجزًا، فاعلاً، عاملاً للأشياء وللأمور الإيجابية: الصلاة في وقتها، العمل في وقته، الزيارات في وقتها، القيام بالواجب الاجتماعي في وقته، الترفيه عن النفس في وقته، التفاعل مع الأسرة والأصدقاء في وقته...

فيا أخي الكريم: اجعل هذا هو نمط حياتك، والقراءة والاطلاع من أهم الأشياء، تُحسِّنُ التركيز، وكذلك قراءة القرآن وترتيله، وتفهّمه بصورة ممتازة، والعمل به طبعًا.

وأنا أنصحك بالنوم الليلي المبكّر، النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى الكثير من الاستقرار في كيمياء الدماغ، ممَّا يُسهّل عليك عملية التركيز.

ويا أخي الكريم: ابنِ صداقات إيجابية مع الصالحين من الناس، مع العارفين من الناس، هذا أيضًا ينقلك نقلة فكرية إيجابية جدًّا.

أنا أعتقد أن علاجك في هذه الأشياء التي ذكرنا، بعد ذلك الأدوية: الأدوية متشابهة ومتقاربة، الزيروكسات أربعين مليجرامًا دواء جيد، والاوليكسا خمسة مليجرام، واللامكتال خمسين مليجرامًا: أنا أعتقد أن هذا علاج جيد، متوازن وسليم، لكن التطبيقات السلوكية التي تحدثت عنها والإرشادات الاجتماعية والنظرة الإيجابية لذاتك، والنظر للمستقبل بأمل ورجاء: هذا هو الذي أراه سيكون مفتاحًا عظيمًا لترتقي بصحتك النفسية، وتعيش حياة سعيدة -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً