الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خوف من الوحدة والأشباح، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا أم لطفلة، وأعيش في بيت وحدي منذ حوالي ٤ أشهر، وأنا نائمة حلمت بشبح، وقمت وتوضأت وصليت، وفي السابق كنت لا أخاف منهم؛ فأنا حافظة لكتاب الله، ومحافظة على أذكاري، ولكن في طفولتي كنت أخاف من المس والسحر، فأصبحت أرتجف بعد تلك الرؤيا، وذهبت لدكتور نفسي، وأخبرني بأن هذا قلق وتوتر، ووصف لي ستاتومين نصف حبة في الصباح، فتحسنت قليلا، ولكني كثيرة التفكير في ذاك الحلم، لدرجة أني أصبحت أخاف من النوم.

فذهبت له مرة أخرى، أعطاني سوليان نصف حبة لمدة شهر، فشعرت بتحسن كبير، وزال الخوف، ولكن بعد توقفي عنه لمدة ثلاثة أيام رجع لي الخوف والتفكير في الحلم، وأصبحت أخاف من الظلام لدرجة أني لو سمعت صوت الباب أظن بأنه شيطان أو قرين فتحه، مع العلم أني كنت لا أخاف، وأجلس بمفردي براحة وسكينة، ولكني الآن أصبحت أخاف الجلوس بمفردي، وأدافع تفكير الخوف هذا، فما العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.
أختي الكريمة: أنت لديك شيء من قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، والحمد لله هو من درجة خفيفة جدًّا، وأنتِ ما شاء الله تبارك الله إنسانة تحفظين كتاب الله، وحريصة على أذكار الصباح والمساء، وقطعًا محافظة على الصلاة في وقتها، فيجب ألَّا تخافي لا عينًا ولا سحرًا ولا شيطانًا ولا غير ذلك، ونحن طبعًا نؤمن بوجود كل هذه الظواهر الغيبية، نؤمن بها تمامًا وبيقين، لكن في ذات الوقت يجب أن نؤمن أن الله خيرٌ حافظًا، وأن الله تعالى قد حبانا بهذه النعمة العظيمة، أننا في حفظٍ تام من هذه الشرور.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن يكون لك هذا الإدراك المُطلق أنه لن يصيبك مكروه بإذن الله تعالى، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)، وعليك أن تتحصّني بالأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ ودخول الحمام والخروج منه، والخروج من البيت والدخول إليه، وغير ذلك من الأذكار – وعيشي حياتك بقوة وبإيجابية، على مستوى التفكير، وعلى مستوى المشاعر، وعلى مستوى الأفعال.

طبعًا الإنسان حتى وإن كانت درجة إيمانه وقناعاته قويّة جدًّا، قد يُصاب بشيء من الهشاشة النفسية، قد يقلق وقد يخاف، وهذه طبيعة البشر ويجب أن نقبل ونُدرك ذلك.

وأنا أنصحك أن تُطبّقي تمارين استرخائية، (تمارين التنفُّس التدرّجي – تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم إطلاقها) تمارين مفيدة جدًّا لامتصاص القلق وتحويله من قلق سلبي إلى قلق إيجابي. إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها كيفية تطبيق هذه التمارين، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

حاولي أن تشغلي نفسك بما هو مفيد، تجنّبي النوم النهاري – مثلاً – أشغلي نفسك مع طفلتك، في أعمال البيت، القراءة، الاطلاع، مراجعاتك القرآنية اليومية. هذا كله يمكن أن يستحوذ على وقتٍ جيدٍ من يومك، لأن حقيقة الشعور بالفراغ الذهني أو الزمني يؤدي كثيرًا إلى الشعور بالضجر والقلق والمخاوف، ويبدأ الإنسان يُفكّر في الظواهر السلبية التي شغلتك لبعض الوقت.

حاولي أيضًا أن تتجنبي تناول الطعام ليلاً، وأقصد بذلك: إذا كنت من الذين يتناولون وجبة العشاء فالأفضل أن تكون مبكّرًا، وألَّا يكون الطعام دسمًا، لأن الطعام الدسم في وقت متأخر قد يؤدي إلى أحلام ومخاوف في بعض الأحيان.

الحرص على أذكار النوم طبعًا ضروري، أذكار الصباح والمساء – كما تفضلت – وأذكار الاستيقاظ، وهذه يجب أن نُردِّدها في كياننا الداخلي، وبتدبُّرٍ ويقينٍ كامل، بهذه الكيفية فعلاً يُحصّن الإنسان نفسه بصورة فاعلة جدًّا.

أنا أرى أنه لا مانع أبدًا من أن تتناولي أحد الأدوية الجيدة، والسليمة والمضادة لقلق المخاوف، عقار (سوليان) عقار جيد حقيقة، لكن يُعاب عليه أنه ربما يرفع هرمون الحليب عند النساء، وهذا قد يؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية. هذا قطعًا ليس انتقادًا أبدًا لزميلي الطبيب الذي وصفه لك، هو بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة قد لا يرفع هرمون الحليب.

الدواء الأمثل لك بالنسبة لك هو عقار (سيرترالين)، والذي يُسمَّى تجاريًا (لسترال)، وربما تجدينه تحت مسمَّيات تجارية أخرى، والجرعة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة يوميًا – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – ويمكن أن تكون ليلاً أو نهارًا، تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء. هو دواء سليم وغير إدماني وغير تعودي.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً