الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من هموم وفتن الاختلاط في الدراسة مع بعدي عن والدي وإخوتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته
جزاكم الله خيراً -بفضل الله- أشكركم على إجابتكم الشافية لي في الاستشارة السابقة.

أنا طالب في تركيا أدرس، لكن لدي مشاكل في الدراسة والبيئة المحيطة بي، فأنا إنسان -بفضل الله ورحمته علي- ملتزم، والحمد لله الذي هداني.

أنا أول شهور لي هنا في تركيا، لكن هناك اختلاط بشكل قوي، والحرام منتشر، والأمور هنا أصبحت شيئاً طبيعياً في الشوارع.

أنا أعاني، وحالي الإيماني من قبل في بلادي اليمن كانت أفضل، وهنا بدأ القلب يقسو قليلاً قليلاً، لكن أشهد الله أني لم أفعل أي شيء من الكبائر.

الاختلاط أتعبني بشكل قوي، والنظر إلى من يعلمنا فهي امرأة، والفصل الدراسي فيه أشياء كثيرة من الاختلاط.

أنا أغض بصري، أنا أخاف أن تأتيني الانتكاسة وأضيع حق ربي وأضيع آخرتي، فلهذا بدأت أفكر في الرجوع إلى اليمن بلادي، وأدرس هناك، أو أعود أدرس الدين وأتفقه في ديني، فهل هذا صواب أم لا؟

لدي أمي وأبي وإخوتي يعيشون في أمريكا منذ 2013م، وأنا لم يستطع الوالد إدخالي إلى أمريكا، وقد بقيت عند جدي منذ كنت بعمر 13 سنة، وأنا أحب والدي، وقد حرمت منهما في صغري، والآن وأنا شاب لم أر إلا والدي أسبوعين وأذهب لأن لدي أعمالا وأنا راض عنهم.

والداي قد لا يوافقان على أن أعود إلى اليمن وسيقولان لي مستقبلك ودراستك، هل أقدم مستقبلي ودرستي على رضا الله؟!

لقد تعبت وتأتيني الهموم والخوف من المستقبل، وأشياء أخرى أتعبتني، وهل يكون هذا بلاء من الله أنه حرمني من والدي لعله خير؟ لم أعد أريد أن أدرس بل أريد أن أذهب إلى والدي وأشتغل في محله، أدعو الله بدون أسباب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ داود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حياك الله -أخي الكريم- مرة أخرى في موقعنا، ونسأل أن يرزقك الثبات والعفة، والجواب على ما ذكرت.
لا شك أن الاختلاط بلوى كبيرة، والشاب المسلم من مثلك ينبغي أن يخاف على نفسه، والحمد لله الذي ثبتك على دينه، ومما يعينك على العفة:

- تقوى الله في السر والعلن، والعمل على طاعته وترك معصيته، واستشعار مراقبة الله تعالى لك وسعة علمه واطلاعه عليك.

- أن تكثر من الدعاء بأن يصرف الله عنك السوء والفحشاء، فمن أكثر من هذا الدعاء رزقه الله العفة، كما أن عليك الاستعاذة بالله في حال رأيت الفتنة.

- سد كل الذرائع التي تؤدي إلى الخدش في العفة، ومنع النظر إلى النساء أو ما يهيج على الفاحشة، وعليك بالمسارعة إلى الزواج، فهو طريق ناجع في إبعادك عن فتنة النساء، وإن لم تستطع فعليك بالصوم، كما أوصى بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أما بخصوص قسوة القلب، فهذا مرده إلى وجودك في بيئة تشعر فيها البعد عن دين الله، وحتى يلين قلبك وتشعر بقوة الإيمان والطمأنينة فيه فعليك بالتالي:

-الدعاء والتضرع إلى الله بأن يلين قلبك.
- قراءة القرآن، بتدبر وتأمل لما أراد الله منا، والعمل بما جاء به.
- الإكثار من ذكر الله في كل حال. والإكثار من الاستغفار والتوبة.
- تذكر الموت وزيارة القبور.
- الرحمة بالخلق، والإحسان إلى الضعفاء والأيتام والمحتاجين، وزيارة المرضى، وتفقد أحوالهم.
- الاعتبار بقصص أهل القسوة، والغلظة، والفظاظة، ( للسلامة من فساد أخلاقهم).

بخصوص العودة إلى اليمن لا شك أنك أدرى بحالك وأنت صاحب القرار، والذي أنصحك به البقاء في تركيا من أجل إتمام الدراسة، والوضع في اليمن غير مستقر والدراسة فيه غير ممكنة، ومسألة الخوف من الفتنة، فهذا مقدور عليه إن شاء الله، وأنت كما ذكرت عن نفسك ما تزال ثابتاً في دين الله، وإذا أخذت بما نصحتك به زادك الله ثباتاً.

بخصوص البعد عن الأبوين - حفظهما الله -، فهذا ليس عليك ذنب فيه، فأنت لم تستطع الذهاب إليهما أصلاً فلا داعي للشعور بتأنيب الضمير، وعندما يتسير لك الذهاب، فيمكن أن تسافر إليهما، وتلتقي بهما، وهناك حالات مشابهة لأمثالك ممن أجبرتهم الغربة على البعد عن الوالدين، فأرجو أن تصبر نفسك.

أخيراً ولعلك بسبب الضغط النفسي في الغربة، بدأت تفكر في اشياء ليست في مصلحتك، ويمكن تندم عليها مستقبلاً، فترك الدراسة مفسدة، وليس فيه أي مصلحة، وإذا كنت ستتركها خوفاً من الفتنة، فالذهاب للعمل في محل الوالد في أمريكا أشد فتنة، ولا أظن الوالد طلب منك أن تأتي للعمل معه، كما أن سفرك إلى هناك غير ممكن (حالياً في الواقع كما ذكرت)، فلهذا اهتم بما أنت فيه من تحصيل الدراسة، واشغل وقت فراغك بكل نافع ومفيد، وحياتك ستكون إلى الأحسن إن شاء الله تعالى.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً