الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ساءت حالتي النفسية بعد قطع علاقتي بمن أحبها

السؤال

السلام عليكم..

انقطعت علاقتي مع حبيبتي بعدما قضينا 7 سنوات معا، بعدما صرنا لا نتفاهم وصارت علاقتنا باهتة، كانت مهووسة بي وجيدة، إلا أن المشاكل الأخيرة جعلتني أقطع العلاقة لكثرتها وتكررها لأبسط الأسباب، وبعد مرور أيام من انقطاع علاقتنا شعرت بالفراغ، حاولت بعدها إصلاح العلاقة، لكن هذه المرة تمنعت رغم محاولاتي العديدة.

فقدت صوابي وحاولت بجميع الطرق أن أسترجع العلاقة، لكني فشلت، مما سبب لي اكتئابا، استمررت في التواصل معها، كانت مقربة جدا، وأعتبر أنها الوحيدة التي تفهمني، لكنها أبدت فيما بعد ردة فعل عنيفة تجاهي، وتحول حبها الشديد لي إلى كره، جعلني أشعر أني سيء، حتى صرت حتى لا أريد دعاء الله لكوني سيئا، صرت أتخيل أنها لا مثيل لها، ولن أجد أفضل منها، وخاصة في زماننا هذا.

صرت أبحث عن تجربة تنسيني وتلهيني عنها، لكن وجدت نفسي لا أرتاح لكل علاقة جديدة، وفي نفس الوقت كان بقائي بدون علاقة يشعرني بالوحدة، والفراغ العاطفي.

تجاوزت نوعا ما لهفتي عليها واسترجعت ثقتي، ولكن مشكلتي الآن أني أشعر بأن عقلي مخدر وتقلص انتباهي للتفاصيل، وتقلصت فاعليتي الاجتماعية، صار ينتابني شعور بأني على شرفة الجنون (الشعور بأني أفقد عقلي يكون شديدا أول الاستيقاظ من النوم وفي الليل )، ويتدعم مع شعوري بالفراغ العاطفي، وأشعر بأني في ضياع وعاطل كأني مكبل، أحاول تجاوز الحالة وأفكر بإيجابية، فأشعر بتحسن، لكن مشكلتي الأساسية هي هنا، أقول ماذا لو أني بدأت أجن ولا أشعر؟، هناك من كان طبيعيا وفقد عقله، فيسوء حالي من جديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن ييسر لك الحلال ويبعدك عن الحرام، وأن يعيد علينا وعليكم مثل هذه الأيام المباركة باليمن والإيمان، والتوفيق لما يحبه ربنا ويرضاه، وأن يصلح الأحوال وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال.

لا شك أن العلاقة الطويلة التي انقطعت لم تكن على قواعد الشرع، ونحن نريد أن نقول رغم انقطاعها إلا أنك تستطيع أن تستأنف حياة ناجحة جديدة، وندعوك إلى الاستفادة من الدرس الذي حصل وذلك بأن تأتي البيوت من أبوابها، وتحرص على تأسيس علاقة شرعية صحيحة؛ لأن العلاقة الشرعية الصحيحة فيها البركات وفيها الخيرات، أما العلاقة التي لا تكون فيها ضوابط شرعية فهي معصية لرب البرية، وللمعاصي شؤمها على الإنسان، فمن آثار المعصية ضيق الصدر، ومن آثار المعصية ضيق الرزق، ومن آثار المعصية ظلمة الوجه والبغض في قلوب الخلق.

ولكن أرجو أن تبدأ الآن التصحيح بتوبة لله نصوحة، ثم عليك أن تدرك أن هذه الفتاة إذا فاتت فهناك فتيات، وهذه المرأة إذا ضاعت فهناك نساء، واعلم أن الصالحات والفاضلات كثر، فاجتهد في أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى، وتبدأ مسيرة صحيحة؛ لأننا نعتقد أن وصولك إلى الحلال، وبحثك عن الزوجة الحلال بالطريقة الحلال يعتبر من أهم عناصر العلاج والتصحيح في وضعك النفسي والاجتماعي وسائر أحوالك، نتمنى أن تأخذ الأمور حجمها، واحرص أولاً ونحن في شهر الصيام على أن تعمر قلبك بحب الله تبارك وتعالى، ثم انطلق في محابك كلها من حبك لله ومما جاء به رسولنا عليه صلاة الله وسلامه، فلا تحب إلا بعد موافقة الشرع، إلا بعد وجود غطاء شرعي.

إن هذا الذي حدث -العلاقة الطويلة 7 سنوات- من الطبيعي أن يحصل فيها شجار، ومن الطبيعي أن يحصل فيها توتر، من الطبيعي أن تحصل بعض إحباطات للبنت؛ لأن 7 سنوات ظلت فيها معك مع ذلك الأمر، فطبيعي أن تنتهي إلى شجار، وهذا ترك آثارًا سالبة على الطرفين.

ولذلك نتمنى ونكرر ضرورة طي هذه الصفحة، والتفكير بطريقة إيجابية، والتفكير في علاقة صحيحة، وقبل ذلك شغل النفس بالطاعات، وعليه فنحن ندعوك إلى الدعاء لنفسك، الأمر الثاني التوبة النصوح، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، الأمر الثالث عمارة القلب بحب الله والحرص على طاعته، الأمر الرابع هو ضرورة أن لا تأسس أي علاقة إلا وفق قواعد الشرع، إلا بطريقة ترضي الله تبارك وتعالى.

وننصحك أيضاً بأن تشاور أهلك، وتطلب مساعدتهم فإنهم سيعاونونك على حسن الاختيار، أنت ستختار الجمال والشكل الذي تريد، ولكن دور الأسرة كبير في اختيار العائلة، في النصح لك، فالذين هم أكبر منك أحسن خبرة، والنساء يعرفن النساء أيضاً، ولذلك لا بد من مشاورتهم، ونتمنى أيضاً في العلاقة الجديدة أن لا تطول فيها، فإذا وجدت ارتياحاً وانشراحاً والطرف الثاني وجد ارتياحا وانشراحا وقبولا، فعند ذلك ينبغي أن تعجل بالحلال؛ لأن هذا هو أقصر طريق وأحسن وسيلة تنسيك كل الآلام التي تعاني منها.

بالنسبة أيضاً للتجربة الماضية السالبة لا ينبغي أن تطيل الوقوف عندها، وإذا ذكرك الشيطان بها فاستغفر وامض، لا تقف طويلاً أمام تلك التجربة التي مضت، واجتهد أيضاً في التفكير بطريقة إيجابية كما ذكرت، وأيضاً شغل النفس بالمفيد، تجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، واعلم أن المرء حيث يضع نفسه، فاشغل نفسك بمعالي الأمور، ونحن في شهر فضيل، نحتاج فيه أن نتوجه إلى الله تبارك وتعالى، ونقبل عليه وننتظر منه أن يرفع الغمة عن الأمة، وأن يرفع البلاء والوباء، وأسأله كذلك أن ييسر عليك الأمور.

نحن نعتقد أيضاً أن الفراغ العاطفي الذي عندك من الضروري أن يملأ بالحلال، فاقترب من والدتك واطلب معونتها وأخواتك، وأيضاً اجتهد وليجتهدوا معك في البحث عن الفتاة المناسبة بالنسبة لك، لست عاطلا ولن تضيع، واستأنف حياتك بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى، والحمد لله أنك تشعر بتحسن عندما تفكر بطريقة صحيحة، ونقول لك أنك ستتحسن جداً عندما تصطحب ذلك أو يصحب ذلك توبة نصوح، وإقبال على الله تبارك وتعالى فإن الطمأنينة والسعادة مكانها واحد (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب).

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ثم بالسعي في تأسيس حياة أسرية، لكن وفق القواعد الشرعية، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والثبات والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً