الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما توجيهاتكم في كيفية البحث عن فتاة لأخطبها؟

السؤال

السلام عليكم

أنا لا أعرف كيف أتعرف على امرأة لأتزوجها؛ فأنا لا أكلم النساء الأجانب -والحمد لله- على الرغم من أني درست في مدارس مختلطة، ولا أكلمهم حتى في مواقع التواصل.

كما أن أمي ليس لديها علاقات بعائلات أو معرفة بالبنات، وهي لا تحب أن تبحث لي ولا لإخوتي، وأنا أتفهم طبيعتها ولا أريد إغضابها، فالأمر مفروغ منه، كما أن المجتمع الذي أعيش فيه لا يقبل الزواج بدون تعارف قبل الزواج، وحب، و..إلخ.

أنا لدي الإمكانات، ماذا أفعل؟ هل أسافر إلى مجتمع إسلامي محافظ؟ الرجاء اقتراح كل الحلول العملية التي تخطر لكم. أرشدوني مأجورين، وجزاكم الله خيراً على جهودكم الجبارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yassine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل-، وشكرًا لك على هذا السؤال الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يُصلح الأحوال، وأن يضع في طريقك بنت الحلال، وأن يُحقق لك السعادة والآمال.

نحن سعداء بأمثالك ممَّن لا يتكلّم عن النساء، ولا يتواصل مع النساء، ونحبُّ أن نبيِّن لك أن الأمر سهل، فالنساء من الرجال، والرجال من النساء، وكلُّنا لآدم، والإنسان حقيقة يتعرَّفُ أولاً على نمط هذا الإنسان، الجزء اللطيف (الجنس اللطيف) –كما يقال– من خلال تعامله مع أُمِّه وأخواته وخالاته وعمَّاته –يعني المحارم– فهذا يُعطي الإنسان بدايةً صورة تقريبية لهذا الكائن الذي سيرتبط به، وهذه حكمة الشريعة.

أرجو أن تعلم أن مسألة التعارف –وكل هذه الأمور الخارجة عن الأسس الشرعية– كلام غير صحيح، فالتعارف الأصلي والشرعي والصحيح يبدأ بالرباط الشرعي، وإذا كانت الوالدة سلبية فإن الوالد يستطيع أن يقوم بدوره، كذلك يمكن أن يُساعدك في هذا بعض العقلاء، الفضلاء، العلماء، الدعاة، يستطيعون أن يُرشدوك إلى البيوت التي فيها بنات صالحات، وإذا كانت الوالدة لا تمشي معك في هذا الطريق فيمكن الاستعانة بالخالة، أو بالعمّة، حتى يُعاونوك في البحث.

من حقك أن تضع العلامات والشروط الأساسية التي تُحبُّها فيمن تريد الارتباط بها، وبعد ذلك –يعني بعد وضع هذه الشروط الأساسية – تأتيك الخيارات، فيأتونك فيقولون لك: وجدنا فتاة كذا وكذا، ووجدنا فتاة كذا وكذا، ووجدنا فتاة كذا وكذا، ثم أنت تختار واحدة منهنَّ، وبعد أن تختار تُطالب بالنظرة الشرعية، ويحصل التعارف بين الأسرتين، ثم بعد ذلك –بعد أن يحصل هذا التعارف– تتمّ الخِطبة.

الخطبة علاقة شرعية الهدف منها المزيد من التعارف، والمزيد من التآلف، وهي فرصة لكل طرف أن يتعرف أكثر على طبيعة الشريك الذي سيتعامل معه، والمسلم عندما يتقدّم لخطبة فتاة يُقدِّم الدِّين، وليس معنى ذلك أنه يترك الأشياء الأخرى، لكن أولاً الدِّين، وثانيًا: الدِّين، وثالثًا الدِّين، فإذا وجد في الفتاة الدِّين فكلّ الصفات الجميلة يمكن أن تأتي، وبعد ذلك الدِّين هو الذي يُصلح أي خلل، أي جانب سلبي موجود يُصلحه الدِّين، لكن إذا كان هناك خلل في الدِّين فهذا هو الأمر المُشكل، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال للفتاة ولأهلها: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه)، وقال للرجل: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) يعني: خسرت والتصقت يداك بالتراب إن لم تظفر بذات الدين.

أرجو كذلك ألَّا تنزعج من هذا الأمر، واجتهد في التواصل مع موقعك، ومشاورة الصالحين الأخيار ممَّن هم معك، ونحن لا نفضّل السفر من المجتمع الذي أنت فيه لتتزوّج من مجتمع آخر، بل ينبغي أن تكون الزوجة من نفس المجتمع ومن نفس البيئة، هذا أقرب لحصول الوفاق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، ولا مانع من أن تتواصل مع موقعنا، حتى تصلك الإرشادات والتوجيهات التي تُعينك على الوصول إلى الفتاة التي تُريدها، وأنت تضع الشروط، وبعد ذلك مَن تنطبق عليها هذه الشروط هي فتاة الأحلام التي ستسعد معك وستسعد معها إن شاء الله.

أيضًا بعد ذلك طبعًا لابد أن تحصل النظرة الشرعية، وهذه النظرة من حكمة الله فيها أنه يحصلُ بعدها ارتياح وانشراح وميل مشترك، ثم بعد ذلك لا مانع من الخاطب أن يتواصل مع خطيبته، أن يزورها في بيت أهلها، يتعرَّف عليها، يسأل عن صلاتها، عن دراستها، عن أحوالها، عن طريقة تفكيرها، يُخطِّطوا مع بعضهم، غير أننا لا نُفضّل طول فترة الخطبة، لكن أصلاً من الناحية الشرعية هي للتعارف ولحصول التآلف، فإذا وجدتَّ العلامات الأساسية (دين، أخلاق، استقرار)، فعند ذلك نقول: (لم يُر للمتحابين مثل النكاح)، إلَّا أن الوفاق الكامل والمعرفة الكاملة تتحقق في ظل الحياة الزوجية، نحن نقول دائمًا: (الحب الحلال يبدأ بالرباط الشرعي، ويزداد قوة ورسوخًا بالتعاون على البر والتقوى والطاعة لله تبارك وتعالى).

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونشرف ونسعد بتواصلك مع موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً