الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقبل الله توبتي من الكبيرة؟

السؤال

أنا غلطت أو ممكن نقول: إني ضعفت، وللأسف كانت من الكبائر، لكن أنا أحاول أن أتوب وأصلي وأقرأ القرآن، ووعدت ربي أني لن أعملها ثانية، لكن خائفة أن لا يسامحني.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدّر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وبعد.

فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، بل ويفرح بتوبة الإنسان حين يتوب إليه، وما سمى نفسه غفوراً إلا ليغفر ذنوبنا، وقد طمأن المذنبين البائسين فقال سبحانه: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ))[الزمر:53] وندب الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، والذين قالوا: عزيزٌ ابن الله، والذين قالوا: إن الله هو المسيح، فقال سبحانه: (( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ))[المائدة:74] فكيف لا يغفر لك هذه الخطيئة؟!

وأرجو أن تعلمي أن الشيطان تغيظه توبة التائبين، ولذلك يحاول أن يدخل عليهم الحزن ويذكرهم بالماضي، ويُشعرهم أنهم لن يقبلوا؛ حتى ينتكسوا ويرتدوا على أعقابهم.

وقد أحسن الحكيم حين قال:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ فيمن يلوذُ ويستجير المذنب
ما لي إليك وسيلةٌ إلا الرجا وعظيم عفوك ثم إني مسلم

وتذكري توبة قاتل المائة نفس، وكيف أن الله قبله مع أنه ما فعل خيراً قط، لكنه جاء تائباً مُقبلاً بقلبه على الله فقبله الله، وأوحى إلى أرض الخير أن تقربي وإلى أرض الشر أن تباعدي، فقاسوا المسافة، فوجدوها أقرب إلى الأرض التي أراد، فأخذته ملائكة الرحمة، وإذا وقع الإنسان في كبيرة فإنه يحتاج إلى توبة نصوح يندم فيها على ما مضى -والندم توبة، ورب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خيرٌ من طاعة أورثت ذلاً وافتخاراً- ويعزم فيها على أن لا يعود، ويُسارع بعدها إلى الحسنات الماحية؛ لأن الله يقول: (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ))[هود:114].

وأن يصدق في رجوعه، ويُخلص في توبته، بحيث تكون لله لا خوفاً على سمعة أو رغبة في مصلحة أو شهرة أو حفاظاً على جاه، فإن الله يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ))[التحريم:8]، ونحن ننصحك بالابتعاد عن أسباب المعصية، وندعوك للبعد عن رفاقها والتخلص من ذكرياتها وآثارها.

وأبشري ما يسرك، فإن الله يقول: (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ))[طه:82] فاستري على نفسك، واجتهدي في عبادة ربك، واعلمي أن بصدق التوبة والإخلاص تبدل السيئات إلى حسنات، قال تعالى: (( فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ))[الفرقان:70].

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً