الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرجو أن تقدموا النصيحة للشباب الذين يخترقون حسابات البنات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
نشكركم على كل ما تقدمونه للمسلمين والإسلام.

نرجو منكم أن تبينوا جرماً يقترفه البعض هداهم الله من الشباب باختراق حسابات البنات والنظر في خصوصياتهن دون رضاهن بذلك، وبعض الفتيات تبقى تبحث عن الحل دوماً والترقب وتدخل في حالة قلق، وبعضهن لا يردن الرجوع للقانون لأن العقوبة ليست بالسهلة.

انصحوهم فمنهم من يظن أن الدخول لخصوصيات فتاة ليس بكبيرة أو جرم، لأنه لا يعمل شيئاً ولا ينشر شيئاً عنها.

قدموا لهم النصيحة لعلكم تكونون سبباً في هدايتهم من هذه الكبيرة.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- العاقلة في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقرّ أعيننا بهداية الشباب والبنات، وأن يُلهمنا جميعًا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكنّ السعادة والآمال.

لقد أحسنت – بنتنا – بالتنبيه لهذه القضية الخطيرة، فإنه لا يجوز للشباب الدخول لخصوصيات الآخرين وحساباتهم، ويزداد الجُرم صعوبة وحُرمة عندما يكون الدخول على حساب امرأة والاعتداء على خصوصياتها، ولذلك هذا أمرٌ في منتهى الخطورة، وشريعة الإسلام تُحرّم التجسس سواء كان على الرجال أو على النساء، وتمنع تتبع العورات، بل تُهدِّد من يتتبع عورات الناس ويبحث عن خصوصياتهم بأن يهتك الله ستره وأن يفضحه ولو في قعر بيته.

الذين ينظرون في الحسابات الخاصة ويدخلوا في خصوصيات على خطر عظيم، ولا يؤمنوا بعد ذلك لا على أنفسهم ولا على أعراضهم، لأن صيانتنا لأعراضنا تبدأ بصيانتنا لأعراض الآخرين.

ينبغي لكل شاب أن يشعر أن العدوان على الفتاة سيعود بالوبال على عرضه، وعليه أن يتخيّل لو كانت هذه خالة أو عمّة أو أختا؛ هل كان سيرضى لها هذا؟ هل كان سيرضى مثل هذا العمل الجبان الذي لا يليق بمسلمٍ يُراقب الله تبارك وتعالى ويتقيه؟

لذلك نحن نحذّر وبشدة هؤلاء الشباب، بل نُحذّر كل مَن يدخل في خصوصيات الناس ويتجسس عليهم ويتتبع عوراتهم، نحذّره ونخوّفه فضيحة الدنيا مع ما ينتظره في الآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل.

كذلك أيضًا ندعو بناتنا وندعو الجميع إلى أن ينتبهوا، فلا يضعوا كل أسرارهم ولا يضعوا خصوصياتهم في مثل هذه الأشياء لأنها قابلة للاختراق، وقابلة للسرقة، وهناك من تخصصوا في العدوان على الأعراض، فعلينا أيضًا أن نأخذ حذرنا.

نشكر بنتنا على دعوتها لنا لتقديم النصيحة، وهي نصيحة نُقدِّمُها، بل تحذير، {فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}، والنبي صلى الله عليه وسلم خوَّف فقال: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ).

إذًا يا مَن تعتدي على حسابات الآخرين أو الأخريات نبشرك بالفضيحة في الدنيا، ونبشرك بالخذلان في الدنيا، ونبشرك بالعذاب في الآخرة إذا لم تتدارك نفسك وتتوب وتعود إلى الله تبارك وتعالى.

أرجو أن يكون في هذه الكلمات نصيحة للجميع، وهداية لهؤلاء الشباب الذين يعبثون بهذه الأمور ظنًّا منهم أن الأمر هيّن، حتى ولو كتم هذه الأمور ولم ينشرها فإن ذلك لا يجوز له، ولا يحلّ له أن يفعل ذلك في كل الأحوال، بل مجرد التفكير في هذا هو جريمة وخطيئة، فعليهم أن يُطاردوا مثل هذه الأفكار الجبانة التي هي من الشيطان، هذه الأفكار السيئة التي يقودهم إليها عدوّنا الشيطان، وطُوبى من شغله عيبُه عن عيوب الناس، والذي يتدخّل فيما لا يعنيه سيجد ما لا يُرضيه، ومَن يتتبع عورات الناس – كما قلنا – يتتبع الله العظيم عورته، ثم يفضحه ولو في قعر داره.

في المقابل من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يسترنا ويستر أعراضنا وأعراض المسلمين، ونكرر لك الشكر بنتنا الفاضلة على هذه الاستشارة والتنبيه الرائع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً