الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أخطب فتاة كان أخي قد تقدم لخطبتها ولم يوافقوا عليه

السؤال

كنت أنوى خطبة أخت -نحسبها على خير- ولكن كانت ظروف تمنعني من التقدم لها وهي زميلة من نفس دفعتي، وكان لي أخ أكبر مني، وكان يريد أن يخطب فرشحتها له لأنها من نفس سني، والعادة عندنا البنات تخطب في سن مبكر، وقلما أحد يخطب بنتاً من نفس عمره، ونظراً لظروفي المانعة للتقدم أردت لأخي أن يتقدم هو، لأننا في زمن قل فيه أصحاب الخلق والمبادئ.

عندما أراد أن يتقدم سمعنا بأنها قد خطبت لشخص آخر فقلنا قدر الله وما شاء فعل، وبعد فترة جاءنا خبر أنها فسخت خطبتها، فتقدم أخي ولكن كان مبدأ البنت حينذاك أنها ترفض أي علاقة في تلك الفترة، تأثراً بخطبتها الأولى.

علماً أن البنت لم تر أخي من قبل لأن الكلام كان مع والدها، وقال نيابة عنها إنها لا تريد خطبة في تلك الفترة، فتقدم أخي لبنت أخرى كي يخطبها، وقد قُفل الأمر الأول لأنه لا يريد الانتظار لوقت أكثر.

سؤالي: الآن إذا أتيحت لي فرصة التقدم لخطبة البنت، هل هذا يصح؟

علماً أن علاقتي بأخي قوية جداً، ولا أريد أن أقلل من تلك العلاقة بشيء قط، أم أني سأتسبب في ضيق لأخي.

أرجو توضيح الأمر الأسلم والأصح لي، وماذا عليَّ أن أفعل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لكم حسن العرض والسؤال، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يُقدّر لك الخير، وأن يُحقق لك في طاعته الآمال.

نحيِّي هذه المشاعر النبيلة تجاه الشقيق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدر لك وله الخير ثم يُرضيكما به، ونرى أن ترك هذه الفتاة والتقدّم لغيرها هو الأفضل والأحسن، لأكثر من اعتبار:

أمَّا الاعتبار الأول: فلكونها من سِنّك، وهذا مرفوض من الناحية الاجتماعية.

أمَّا الاعتبار الثاني: فلاعتذار والدها من شقيقك، وهذا الأمر لا شك أنه سيترك آثارًا حتى لو رضي الأخ، أمَّا إذا حاورت الأخ وكان بينكما صراحة وسمح لك ورضيَ بأن تتقدّم إليها فأرجو ألَّا يكون في الأمر حرج، ولكن سيكون في الأمر حرج من ناحية العائلة والأسرة أيضًا، ولذلك نتمنى أن تجد غيرها، والصالحات كُثر، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

نحيِّي مرة أخرى هذا الضمير الحيّ الذي دفعك لطرح مثل هذا السؤال الذي فيه عُمق من الناحية النفسية ومن الناحية الاجتماعية، ونؤكد أن الأمر يصح من الناحية الشرعية، ونؤكد أيضًا أنك صاحب القرار وصاحب المصلحة، لكن هذا ما رأيناه بعد قراءة واقعنا في بلادنا العربية والإسلامية من الناحية الاجتماعية، وممَّا يحدث من كلام، وربما توترات وانطباعات سالبة مُعلَّبة في مثل هذه الأحوال، فإن مجرد الردّ والاعتذار بهذه الطريقة يؤثّر على الأسرة التي اعتذر منها، وأيضًا يجعل الفتاة في موقف ربما لا يكون مناسبًا مع عائلة هذا الشاب الأكبر الذي رفضته ورضيت بالأصغر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعيننا نحن معاشر المتعلّمين على تصحيح المفاهيم.

أكرر: المسألة من الناحية الشرعية لا حرج فيها، وأنت صاحب القرار، والفرص المتاحة أمامك هي التي تُحدّد، فربما لا تجد أفضل من تلك الفتاة، عند ذلك لا نستطيع أن نمنعك، وربما يكون هناك ميلٌ وتوافق أيضًا بينك وبينها، أيضًا لا نريد أن نمنعك، لكن نتمنَّى أن تضع ما أشرنا إليه في الاعتبار، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وهذه وصيتُنا للجميع بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً