الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت أعاني من القلق والتوتر وأخشى من الأدوية، أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

منذ حوالي عامين كانت صديقتي تحكي عن إحدى قريباتها أنها كانت قد مرضت ثم عاودها المرض مرة أخرى، وحكت عن قلقها وخوفها وتفكيرها في أولادها.

منذ ذلك اليوم بدأت أخاف على نفسي وأولادي كثيرا، وبدأت أعراض عادية وبسيطة تدخلني في دائرة مغلقة من القلق والخوف.

أي أعراض أخاف منها أشخصها على أنها أمراض خطيرة، بدأت بنغزات خفيفة في قدمي وتخيلات عنها، ذهبت للطبيب وطمأنني، ولكن تخيلاتي وخوفي لم ينته.

انتقلت إلى يدي، ثم ذات مرة كنت مريضة وقست الضغط وكان عاليا إلى حد ما.

3 أشهر تقريباً وأنا في دائرة الضغط وقياسه، والخوف من قياسه، ثم انتقلت إلى قلبي وضربات قلبي، ثم التكتلات في الثدي.

زرت الأطباء أكثر من مرة وقمت بالفحوصات، وفهمت أن هذه التكتلات طبيعية ولا خوف منها، وقد تظهر وتختفي، ولكن لم أطمئن، وكل فترة أعود للقلق والخوف.

تحسنت حالتي منذ سنة لأنني اقتنعت أنها وساوس، وبدأت في الإكثار من الدعاء وقيام الليل وسورة البقرة والقرب من الله، وفعلا تحسنت حالتي.

لكن فحص نفسي وأولادي مستمر، وعندما أجد أي شيء زوجي يخبرني أنه طبيعي، ولكن مخاوفي لا تنتهي.

لاحظت أيضا أنها تزداد عن الفرح الشديد أو الحزن الشديد، وبمجرد سماعي عن إعلانات التبرع للمرضى، أو السماع عن شخص مريض يزيد من حالتي، ويجعلني أفحص جسدي.

ذهبت إلى طبيبة أمراض نفسية وعصبية منذ سنة، وشخصت حالتي على أنها توهم المرض، ووصفت لي دواء ciprelax ولكنني لم آخذه بسبب خوفي منه، وقررت أخذ الدواء الآن، ولكنني لا أعرف ماذا آخذ؟

هل دواء السيرتالين مناسب لي أم لأ؟ أخاف من عودة الأعراض عند التوقف عن الدواء.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أختي الكريمة: -مع احترامي الشديد لرأي الطبيبة- أنت ليس لديك توهم المرض، الذي لديك ما نسمّيه (قلق المخاوف الوسواسي)، وهذه علّة أو ظاهرة، وليس مرضًا نفسيًّا حقيقيًا وليس توهمًا، مشاعرك مشاعر حقيقية، تتخوفين من الأمراض، تتحسَّسين منها، ويظهر أن المؤثرات الخارجية عليك قوية جدًّا في هذا السياق (السماع عن المرض، القراءة عن المرض، الاطلاع عن المرض)، تُثير فيك هذا الخوف وهذه الوسوسة، وهذه الظاهرة معروفة، ولا نعتبرها مرضًا، نجدها كثيرًا عند الناس الحسَّاسين، أو أصلاً الذين لديهم شيء من القابلية للوسوسة.

طبعًا هذه الأعراض وهذه الأفكار تواجه بالتجاهل والتحقير، مهما يكون هذا الفكر مُلحًّا ومسيطرًا ومستحوذًا يجب أن تحقّري الفكرة، قولي: (الحمد لله نحن بخير، الأولاد بخير، زوجي بخير، لماذا أنا أفكّر في هذه الأمراض، نحن -الحمد لله تعالى- نعيش حياةً صحيّة، والله هو الكافي وهو الشافي وهو الواقي)، أسقطي على نفسك فكر إيجابي، ولا تدخلي أبدًا في أي نوع من الاسترسال أو التحليل الدقيق حول الأمراض، هذا ليس أمرًا جيدًا.

تحتاجين لنوع من التعريض؛ لأن التجنب أيضًا يزيد هذه الأعراض، دائمًا قومي بزيارة المرضى، لا تتجنبي هذا، واسألي الله لهم العافية والشفاء، هذا يعطيك قدرة المقارنة على أن تقارني، كيف أن صحتك في أفضل حالتها وكيف أن هذا الشخص -عافاه الله- مريض، ولا أعتقد أن الوسوسة سوف تنتقل إليك من خلال زيارة المرضى، لا، هذه أيضًا وسيلة مهمّة.

ممارسة رياضة، أي نوع من الرياضة، الرياضة دائمًا تعطيك الشعور بأن القلق قد تقلَّص، القلق قد تحوّل إلى قلق إيجابي، والرياضة حقيقة فائدتها عظيمة جدًّا.

أيضًا طبقي تمارين استرخائية، تمارين التنفس التدّرجي، وتمارين شد العضلات وانبساطها مفيدة، إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها كيفية تطبيق هذه التمارين، ويمكن أيضًا للطبيبة النفسية أن تدرّبك على ذلك، أو تحوّلك للأخصائية النفسية. كما أنه توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنه جيد، والسبرالكس -والذي يُسمَّى علميًا استالوبرام- من أحسن الأدوية التي تعالج قلق المخاوف الوسواسي، والدواء غير إدماني، ولا يؤثّر على الدورة الشهرية أو على الهرمونات.

ابدئي بجرعة صغيرة، خمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تناولينها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا أحد المناهج الجيدة لعلاج مثل حالتك فيما يتعلق بالدواء، ويجب أن يكون هنالك انتظام في تناول الدواء، وقطعًا الدواء سوف يُساعد كثيرًا في اختفاء الأعراض، لكن حتى لا تحدث انتكاسات أخرى يجب أن يكون نمط حياتك على الأسس التي تحدثنا عنها سابقًا، هذا مهمٌّ جدًّا.

أنت متخوفة من الانتكاسات بعد التوقف من الدواء، هذا لن يحدث إذا جعلت نمط حياتك كله إيجابيًا (رياضة، تفكير إيجابي).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً