الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من الطبيعي ألا يتقدم لي أحد أبدا حتى هذه السن؟

السؤال

عالسلام عليكم.

مري ٢٢ سنة، ولم يتقدم أبدا أحد لي للزواج، فلماذا لم يفكر أحد في التقدم لي؟

بصراحة أنا كنت أريد الزواج خلال عامين أو ثلاثة بسبب أن عندي مشاكل منها أن بيتي صغير جدا لا يمكن استضافة أحد فيه، ومشاكل أخرى لها علاقة بي مثل أني أريد أن أتأكد أن شخصيتي قد اكتملت، وزيادة في الوزن مؤخرا، وأيضا لأنه باقي لي عامين علي التخرج.

لكن ضغطت أمي علي التي تعايرتني أنها ولدتني عندما كانت في مثل سني، وتسخر من شكلي أيضا! أنا وُلدت جميلة جدا ثم عندما كبرت شاء الله أن يجعلني على هذه الصورة غير الجميلة بمعايير اليوم.

كانت تضغط علي لدرجة أني أصبحت أحلم أني سأتزوج رجل مطلق وكبير في السن مثلا وهكذا. ما زاد الأمر علي أن في الفترة الماضية خُطبت الكثير من زميلاتي في الكلية وتزوج بعضهن، فقلت ثقتي بنفسي!

أريد نصيحة بشأن هذا الأمر، وهل من الطبيعي ألا يتقدم لي أحد أبدا حتى هذه السن؟ وكيف أثق في نفسي وأقدرها ولا أنتظر التقدير ممن حولي؟ الإنسان دائما يريد أن يمدحه من حوله.

وأخيرا .. أنا أحب مراسلتكم جدا واستشارتكم في أمري لكن المشكلة أنكم غير متاحين دائما، فأتمنى أن تزيدوا الفترة التي يسمح فيها بإرسال الاستشارات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوران حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والثناء على الموقع، ونؤكد لك أننا نشرف بخدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسهّل أمرك، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

لستِ في عمرك يُزعج، وكل شيءٍ بأجل، والكون ملكٌ لله تبارك وتعالى، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، وسوف يأتيك ما قدّره الله تبارك وتعالى، واعلمي أنه لا توجد فتاة ليست جميلة، لأن وجهة نظر الناس مختلفة، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، والفتاة جميلة بأدبها، وبأخلاقها وحيائها ودينها، فكوني مع الله تبارك وتعالى وتقرّبي إليه، واحرصي على حشد النعم التي أولاك الله تبارك وتعالى إيَّاها، واعلمي أننا أُمرنا في كل أمور الدنيا أن ننظر إلى مَن هم أقلَّ مِنَّا في العافية والمال والولد، وألَّا ننظر إلى مَن هم فوقنا في أمور الدنيا، لأن الدنيا دنية، وأمَّا أمور الآخرة فينبغي أن ننظر إلى مَن هم أفضل مِنَّا، والإنسان إذا حاول أن ينظر إلى صحة هذا ومال هذا وشهادة هذا وما عند هذا أتعب نفسه وأتعبته المناظر (رأيت الذي لا كلُّه أنت قادرٌ عليه، ولا عن بعضه أنت صابر) كما قال الشاعر، (فإنك متى أرسلت طرفك رائدًا لقلبك أتعبتك المناظر، رأيت الذي لا كلّه أنت قادرٌ عليه، ولا عن بعضه أنت صابرٌ).

من هنا كان الإعجاز في التوجيه النبوي، أن ننظر في أمور الدنيا إلى مَن هم أقلَّ مِنَّا، لنحمد الله، وأن ننظر في أمور الآخرة إلى مَن هم أفضل مِنَّا لنتأسّى بهم سيرًا على هدى الله تبارك وتعالى، وتأسّيًا بأصحاب الكمالات، وعليه: نحن ندعوك إلى يلي:

أولاً: كثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: عدم احتقار نفسك وتعظيم الآخرين، لأننا جميعًا بشر، وكلُّ إنسان له إيجابيات، وكلُّ إنسانٍ فيه نقائص، والسعيد هو الذي يعرف الإيجابيات فيحمد الله عليها، ويشكر الله عليها فينال بشكره لربه المزيد.

عليك كذلك ألَّا تلتفتي إلى تعليقات الآخرين، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يُدرك أن المقارنة مرفوضة، لأنه لا يوجد إنسان أفضل من إنسان إلَّا بالتقوى والعمل الصالح.

رابعًا: ثقي أن نعم الله مقسّمة، وأن الله يُعطي هذا شيء، ويُعطي هذا شيئًا، وكلُّنا صاحب نعمة.

كذلك أيضًا ينبغي أن تهتمّي بدراستك، وتطويري من مهاراتك، واحرصي على إظهار ما وهبك الله تبارك وتعالى من صفات وجوانب جميلة، إظهار هذا بين أخواتك وبين العمّات والخالات وجمهور النساء، فإن لكل امرأة منهنَّ مَن أرسلها مِن محارمها لتبحث عن الفاضلات من أمثالك، فلا تنزعجي لكلام الوالدة، ولا تنزعجي لما يحصل من الزميلات أو كونهنَّ تزوجن وذهبن إلى بيوتهنَّ، فلكل شيء أجل، وسيأتيك ما قدّره الله تبارك وتعالى لك.

نكرر الترحيب بك في الموقع، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يُقدّر نفسه ويحمد الله تبارك وتعالى على ما أولاه من النعم، ويجتهد في معرفة الجوانب الإيجابية عنده، فإن الإنسان ينبغي أن يُعيد اكتشاف نفسه، ثم بعد ذلك عليك أن تطوري ما عندك من المهارات، ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات، ونكرر الترحيب بك.

وهذه وصيتُنا لك بتقوى الله، ونبارك لك، ونسأل الله أن يتقبّل مِنّا ومنك، وأن يُعيد علينا جميعًا هذه الأيام المباركة باليُمن والإيمان والبركات، والتوفيق لما يحبُّه ربنا ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً