الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتجاوز الخوف من المنافسة في الدراسة؟

السؤال

سلام الله عليكم

بفضل الله تعالى كنت الأولى في دراستي على
مدار سنوات، بذلت فيها الغالي والنفيس، وعاهدت فيها نفسي ألا أرضى إلا بالرقم واحد! ولي زميلة لم تكن كذلك، ولكنها بعد أن صاحبتني تأثرت بي وأصبحت أكثر ثقة وطموحاً، واهتماماً بدراستها.

كما أنني كنت أشرح لها الدروس وأشاركها مما أفادني، أي كنت أقدم لها العون بدون أن تفعل هي لأنني كنت في غنى عنها، ولكن المفاجأة الكبرى أنها تفوقت علي رغم أنني لم أقصر أبداً في بذل الجهد!

لن أكذب فهذا الشيء أزعجني، وجعل ثقتي بنفسي تهتز، ليس لأني لا أريدها أن تنجح، بالعكس تماماً ربما أنا أكثر من يؤمن بأن النجاح يتسع للجميع، ونجاحها لن يقلل من نجاحي.

ربما ستقولون: إنه من الجيد أن تتفوق صديقتك بفضلك، وأنك ستنالين الثواب ووو..الخ، ولكني أريد أن أحيطكم علماً بأنها منافستي وليست مجرد صديقة، وليست تلميذتي حتى أسمح بأن تتفوق علي!

نحن متنافستان، ولا ضير في التنافس! كما أن طموحي لا زال الرقم (1)! وسؤالي هو: كيف أتنافس معها الآن؟ ثقتي بنفسي انهارت وأصبت باكتئاب شديد، وعجزت عن النهوض، فلن يتخيل أي شخص مدى حجم التعب والجهد الذي بذلته، وفي الأخير، تمكنت رغم الفرق الشاسع بيننا في المستوى من التفوق علي؟

كيف أتفوق ونحن نتشارك نفس الغرفة معاً؟ وهي ترى ما أفعله يومياً، ولا زالت تطرح علي الأسئلة باستمرار متى ما واجهت صعوبة في مادة معينة!

هل من الصواب أن أتوقف عن مساعدتها أم أحاول منافستها رغم مساعدتي؟ أعينوني رجاءً فإني استسلمت نهائياً، لأن الصدمة كانت قوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- والمتفوقة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك التوفيق والنجاح والفلاح.

لا شك أن العبارة الجميلة التي ذكرتِها خلال الاستشارة، وهي أن النجاح يسع الجميع، ونزيدك فنقول: والمؤمنة عزيزة، والعزيزة تُريد الرفعة لنفسها وللأخريات، ونجاح هذه الزميلة ليس خصمًا على نجاحك، بل هو فرع من النجاح الذي وهبه لك الفتَّاح سبحانه وتعالى، فاستمري على ما أنت عليه من الخير، ولا تُغيري عادتك في المساعدة لها أو لغيرها، فإن مَن كان في حاجة إخوانه كان الله تبارك وتعالى في حاجاته.

اجتهدي وابذلي ما تستطيعين، وكوني راضية بما يُقدّره تبارك وتعالى، فإن المؤمنة عليها أن تبذل الأسباب ثم تتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

اجتهدي في طرد الوساوس السيئة التي يُريدُ بها الشيطان أن يغرسها في نفسك، فمن حق أي إنسان أن يتنافس، بل من حق أي إنسان أن يكون عنده الغبطة وتمنّي مثيل النعمة، ولكن ليس من حق الإنسان أن يتمنَّى ألَّا ينجح الآخر، وأنت لم تصلي إلى هذه المرحلة، لكنّ الشيطان يريد أن يُصعّد عندك المشاعر السالبة حتى تصلي إلى مثل هذه المنازل التي لا تليق بأمثالك من الفاضلات الناجحات العاقلات، واعلمي أن مساعدة الإنسان للآخرين هي أكبر أسباب وعوامل النجاح، وأكبر عناصر الراحة والسعادة، فخيرُ الناس أنفعهم للناس.

لكي تستمري في تفوقك عليك أن تفعلي الآتي:
- أكثري من الدعاء لنفسك ولصديقتك.
- نظمي جدول المذاكرة.
- ركزي في طريقة المذاكرة بحيث يكون التركيز على الأشياء الأساسية المهمّة.

- استمري في مساعدة صديقتك بعد أن تساعدي نفسك، هذه أيضًا مسألة مهمَّة، فإن بعض المتفوقين قد يأتي من يشغله بأمور هي واضحة عنده، لكن إذا انتهى هذا المتفوق، فهمت الدرس كاملا وجاء مَن يطلب المساعدة فعليه أن يُقدّم له المساعدة، فإن مساعدتنا للآخرين أولاً هي مذاكرة وتكرار لما درسناه، الأمر الثاني: مَن كان في عون إخوانه كان الله تبارك وتعالى في عونه.

- دائمًا اشتغلي بالمعاني الإيجابية، فإن التفكير والغضب الذي يُريدُ الشيطان أن يأتي به، والتشويش: (لماذا تفوقت؟ كيف تفوقت؟) هذا ممَّا يُضيع الوقت، ولذلك عليك أن تبذلي أسباب النجاح، وادخلي الامتحان بنفس راضية، وقدّمي ما تستطيعين، وابذلي المجهود، ثم كوني راضية بالنتيجة، والنتائج هذه تتقلَّب؛ فهذا تفوق اليوم، وهذا يتفوق غدًا، لكن التفوق الأكبر هو في رضوان الله، والدنيا من أولها إلى آخرها تضيق بالمتنافسين فيها، لكنّ الآخرة {لهم فيها ما يشاءون ولدينا مزيد}، وكذلك في الدنيا مَن تجعل همََها إرضاء الله فإنها لن تُبالي بموقعها بعد أن بذلتْ ما عليها.

اجتهدي في بذل ما عليك، وخذي بأسباب النجاح، واستمري على هذا الطموح الرائع، واعلمي أن نجاح هذه الزميلة أو غيرها قد تأتِي غدًا أخرى فتتفوق على الجميع.

ما ينبغي أن تقفي طويلاً أمام هذه المواقف التي تمرُّ في حياة الإنسان، وفيها الاختبار، وفيها الفائدة أيضًا؛ أنها تدفع الإنسان لمزيد من المجهود ومزيد من البذل، وهذا مطلوب، هذا هو الاتجاه الصحيح، الاتجاه الصحيح: إذا نافستك أخرى أن تزيدي المجهود.

أمَّا أن تُضيعي المجهود في التفكير (لماذا، وكيف، وكيف سبقتني) هذا ممَّا يُريده الشيطان، فتعوذي بالله من شيطانٍ لا يريد لنا الخير، وخالفي عدوّنا الشيطان، واشغلي نفسك بالعبادة والدراسة والإنابة إلى الله تبارك وتعالى.

أكرر:
- نظّمي وقتك.
- ركّزي على الأشياء المهمة.
- تواصلي مع المعلمات لتعرفي المواطن المهمّة التي تحتاج إلى مزيد من التركيز.
- ابتكري أساليب جديدة في المذاكرة وفي التلخيص خاصَّةً بك.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً