الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الشعور بالقلق والدونية عند الكلام مع الناس!

السؤال

السلام عليكم ..

أنا شاب أبلغ من العمر ١٥ سنة، أعاني من مشكلة، وهي صعوبة الرد والكلام عندما يسبني شخص في الشارع، لا أعرف كيف أرد عليه، وحدث موقف معي أن شخصا طفلا بدأ يسخر مني هو والأطفال، فقلت كلمة تافهة مما أثار ضحكهم وبدؤوا كلما مررت في الشارع يسخرون مني، وكذلك عندما يسخر مني أخي يضيق صدري، وقلبي يبدأ بالخفقان، ولا أعرف الرد عليه، بمعنى لا أجد كلاما في رأسي أرد عليه.

وكجميع المواقف أتعرض لها يوميا عندما أنصح أخي أتكلم بكلمات ثم لا أعرف، ثم أصمت، وعندما أراد والدي أن يطلق أمي، واللذان لم يطلقا، ولله الحمد عندما أريد إصلاحهما لا أعرف التحاور معهم مما سبب لي موقفا محرجا، وأنا أتحاور مع أبي صمت بنصف الكلام، ونسيت جميع الكلام الذي أريد أن أحاور به أبي، وكذلك عند كلامي مع جدتي وخالاتي وأعمامي عندما أتكلم أشعر بألم في البلعوم، أعتقد بسبب خشونة صوتي، وأشعر أني عند الكلام أسرح وأنحرج، ولا أعرف أتكلم، وإن تكلمت فالكلام عادة ما ينتهي لدقائق، وأحيانا أستعمل الجوال لأظهر لهم أني مشغول حتى لا أتعرض للإحراج عندما أرى ابن عمي يتكلم، وكأنه رجل مع أعمامي وجميع الناس، ويتحاور معهم ويتكلم أشعر بالنقص والقهر الشديد والإحباط حتى أنه كان لي صديق كلما جلست معه يتكلم معي قليلا، ويتكلم مع الأشخاص الآخرين، ولا يعيرني أي اهتمام.

أخبرني بأني لا أعرف أن أتكلم وأني ممل جدا، مما سبب لي قهرا شديدا هذا الكلام، وليالي وأنا لم أنم وأبكي.

أرجوكم ما هو الحل لهذه المشكلة؟ كيف أكون متكلما ذا لسان، أرد على كل من يسبني ويسخر مني، وأتحاور مع الناس وأستمر معهم في الكلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ولدي العزيز: فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية التي سوف تساعدك بمشيئة الله في التخلص من مشاعر الخوف والقلق لديك:

- ابحث في ذاتك عن نقاط قوتك، ولا تبحث فقط عن نقاط ضعفك، وحاول استغلال نقاط القوة وتوسعة مجالاتها، فهذا سيجعلك شخصا اجتماعيا أكثر مع الآخرين، وأكثر تفاعلاً وكفاءة.

- اصغ جيداً لمن يتكلم معك، ولا تقاطعه، وتوصيل الفكرة المناسبة يجب أن يتم في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة، وأثناء إصغائك لحديث شخص ما، عليك أن تبدي اهتماماً لما يقوله واحرص على التواصل بصرياً معه، وقم بتلخيص النقاط الجوهرية في دماغك لكي تتمكن من الرد عليه بطريقة مباشرة تُحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.

- الاطلاع على ثقافات متنوعة، ومتابعة مجريات الأحداث في العالم.

-  عندما تتكلم، نظم أفكارك الرئيسية التي يجب أن تتحدث عنها، ولا تخرج من موضوع إلى موضوع آخر إلا بعدما تشعر أن الموضوع الأول قد انتهى فعلاً.

- للاسترسال بالحديث مع أعمامك وأخوالك، عليك التحدث بشيء يهمهم، ولا تكتفي بالاجابة بكلمة إذا كان السؤال يتطلب منك الإسهاب والشرح، فالاختصار، يوحي للطرف الآخر أنك لا تريد الحديث معه وأنك شخص غير اجتماعي، مما يجعله يتجنب الحديث معك ثانية، وهذا هو الفرق بينك وبين ابن عمك، فهو يجيد مهارات الحديث ويحاول جذب المحيطين به؛ لأنه يتحدث بأمور تهمهم وتجذبهم.

- رد الإهانة والسخرية: قرر اعتباراً من اليوم أني لن أسمح لأحد بالتعدي على شخصيتي، فإذا تعدى عليك أحدهم بالكلام قم بالرد عليه، لا تصمت بل فكر، خطط، واجه: وهنا ليس من المهم أن تتكلم، ولكن "ماذا" و "متى" تتكلم، إضافة إلى أن تنظيم الأفكار وسَلسلتها يمنحك قوة المواجهة وفصاحة الرد، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِي خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ، فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) رواه مسلم.

- اختر لنفسك أصدقاء ذوي سمعة حسنة وشخصيات قوية، فهؤلاء يشجعونك على كيفية الرد على الآخرين، وأنت بملاحظتك لهم ولتصرفاتهم سوف تكتسب منهم أيضاً العديد من الصفات الاجتماعية المحمودة.

- احصر المواقف التي يرتفع فيها مستوى القلق لديك وقم بترتيبها من الأكثر تأثيراً إلى الأقل تأثيراً.

- ابدأ الآن باختيار مشكلة واحدة وابدأ بتطبيق استراتيجية "لإزالة الخوف والقلق" وصولاً إلى المواجهة ، من خلال:
(أ‌) استرخِ على سرير في مكان هادئ.
(ب‌) تخيل المشكلة التي ستواجهك، وسَتُحدث فيك القلق والخوف.
(ت‌) أغمض عينيك وتخيل الموقف الذي تصفه.
(ث‌) تصور الموقف يحدث وتخيل أنك هناك فعلاً.
(ج‌) عندما تفعل الخطوة (ث) فأنت ستشعر ببعض القلق.
(ح‌) إذا حدث ذلك أوقف المشهد التخيُّلي حالاً.
(خ‌) استرخ وأرح عضلات جسمك.
(د‌) ارجع وتخيل المشهد ثانية، وإذا شعرت بالتوتر والقلق، أرح ذهنك.
(ذ‌) كرر الخطوات السابقة للمستوى الذي تستطيع فيه تخيُّل المشهد دون أن تشعر بالقلق.
بذلك الأسلوب تستطيع أن تُخفض من مستوى القلق.
- لكي تجعل العلاج مُكتملاً ، فإن عليك الآن أن تفكر بهدوء، بالتصرف الصائب في ذلك الموقف وكيف تواجهه وأن تُخطط لذلك بهدوء وحكمة، وسوف تُدهش عندما تكتشف أن خوفك وقلقك، في الماضي، كان يجعلك تتوتر بشدة، وكان يمنعك من التفكير أو التخطيط في هذا المجال، وكان يَحول دون أن تُفكر بوضوح في ذلك الموقف، وسوف يختلف الأمر كله الآن.

- تدرّب وتعوَّد على قول كلمة "لا" عندما لا يتفق الموقف مع ذاتك ومع أفكارك، ولا تُجبر نفسك على مجاراة الآخرين إذا كنت غير مقتنع بما يقومون به أو يقولونه، ولا تقم بشيء لا تحبه، وكن واضحاً للآخرين وقل "لا" بصوت عالٍ مليء بالثقة.

- حاول أن تشترك بنشاطات أو مهارات جماعية مثل: اللعب في فريق لكرة القدم، أو الاشتراك في نادي للسباحة، أو أي نشاط رياضي يتضمن مجموعة من الذين هم في عمرك.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً