الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب ولا أجد طبيبًا نفسيًا في منطقتي، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

إخوتي الأعزاء أخوكم من بلد عربي، لا يوجد في منطقتي طبيب نفسي، مشكلتي تتلخص بأنني مصاب منذ خمس سنوات بالرهاب الاجتماعي، وبالأخص تسارع نبضات القلب، ورجفة الصوت عند التحدث، هذه المشكلة أعاقتني كثيرا، منذ سنوات حاولت أن أتعاطى بعض الأدوية النفسية، وبالفعل أخذت لفترات متقاربة أدوية منها: (سبرالكس، زولفت، سيروكسات، بروزاك، موتيفال، تفرانيل) وكلها لم تنفعني كثيرا، لا يوجد فرصة للعلاج المعرفي لعدم وجود طبيب نفسي، والمشكلة تتفاقم، فبماذا تنصحونني؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أغاس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

الرهاب الاجتماعي علة شائعة، وهو إن شاء الله تعالى ليس ضعفًا في الإيمان ولا خللا في الشخصية، هو خوف مكتسب، قد يكون الإنسان اكتسبه نسبةً لتجارب سلبية في مرحلة الطفولة. وأربعون بالمائة من الذين كان لديهم خوف من الذهاب إلى المدرسة قد يحدث لهم رهاب اجتماعي.

أيها الفاضل الكريم: العلاج المعرفي علاج بسيط جدًّا حقيقة بالنسبة للرهاب الاجتماعي، وهو يتمثل في الآتي:

أولاً: أن تعرف أن هذا الرهاب ليس جُبنًا.

ثانيًا: ما تُجرّبه من أعراض أو يمر عليك أو تتحسسه مبالغٌ فيه، لن تُصاب بأي حرج أمام الآخرين، لا أحد يُلاحظك، لا يوجد أي ارتجاف في الصوت، ولا تلعثم، هذا الكلام أنا أؤكده لك، ولا تظهر عليك رعشة حتى وإن اعتقدت أنه لديك رعشة. فإذًا تصحيح المفاهيم ضروري للبدء لمعالجة الأمر.

تسارع ضربات القلب نعم ينتج من زيادة في إفراز مادة الأدرينالين، وهي نوع من الحماية للجسم، لأن الإنسان الذي لديه رهاب يعتبر نفسه كأنه مُهدد، كأن حياته في خطر، لذا ينبض القلب بسرعة ليعطي أكبر كميات من الدم للجسم، لتحدث تغذية للعضلات عن طريق الأكسجين. فإذًا العملية عملية بسيطة جدًّا.

والعلاج السلوكي الآخر يقوم على المواجهة مع تحقير فكرة الخوف، بناء على ما ذكرتُه لك، أنه لن يحدث لك مكروهًا، يجب أن تبدأ المواجهات. وهناك مواجهات طبيعية ذات فائدة عظيمة:

أولاً: الصلاة مع الجماعة في المسجد، وحتى إن بدأت بالصفوف الخلفية لكن تدريجيًا انتقل إلى الصفوف الأمامية حتى تكون خلف الإمام مباشرة، وأريدك مثلاً أن تتصور أنه طُلب منك أن تَؤُمَّ الناس لأن الإمام قد غاب مثلاً لعذرٍ ما، وهذا يمكن أن يحدث. هذا نوع من التعريض الفكري نُسمّيه التعريض في الخيال، وهو تعريض ممتاز جدًّا جدًّا، إذًا هذا علاج.

العلاج الثاني هو: أن تمارس رياضة جماعية، إن كان لديك أصدقاء مثلاً وقطعًا لديك أصدقاء، يمكن أن تمارسوا كرة القدم مثلاً مع بعضكم البعض. إن كان هنالك مثلاً نادٍ ثقافي أو جمعية خيرية أو دعوية أو اجتماعية، ينبغي أن تنضم لأحد هذه الجمعيات. هذه الأسس العلاجية هي أسس صحيحة وأسس سليمة، وهي العلاج المعرفي في حد ذاته.

الأمر الآخر هو: أن تحرص تمامًا ألَّا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، لأن الواجبات الاجتماعية تؤدي إلى راحة نفسية حين ينجزها الإنسان، وإن شاء الله فيها الأجر، مثلاً: أن تصل أرحامك، أن تزور مريضًا، أن تمشي في جنازة، أن تُقدِّم واجب عزاء، أن تحضر حفلة عرس، أن تُلبي دعوة في عزيمة مثلاً...

فيا أخي الكريم: الحرص على الواجبات الاجتماعية يُعتبر أحد العلاجات المعرفية الصحيحة. يُضاف للعلاجات المعرفية علاجات أخرى: ذكرنا الرياضة كشيء مهم، يجب أيضًا أن تمارس تمارين الاسترخاء، وهنالك تمارين معروفة جدًّا وممتازة جدًّا، تجد هذه البرامج على اليوتيوب، ويمكنك أن تستعين بأحد هذه البرامج وتطبقها بحذافيرها.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، نعم الدواء يُساهم لكنّه يتطلب أن يستمر عليه الإنسان بانتظام. من أفضل الأدوية عقار (زيروكسات CR)، تبدأ في تناوله بجرعة 12,5 مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى 12,5 مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها 12,5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12,5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء. لابد للدواء أن يُؤخذ بهذه الكيفية والتفاصيل والجرعات والمدة الزمنية التي المحددة.

أريدك أن تُدعم دواء الزيروكسات بعقار يُسمَّى (ديناكسيت) تتناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، وأريدك أيضًا أن تتناول دواء آخر يُسمَّى (إندرال) لضربات القلب، عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرين.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2407088 - 2286299 - 2416172 - 2230509 - 2359821).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً