الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة خوف من المساجد والأماكن المغلقة.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني مند الصغر من الخوف الشديد، وعند تقدمي في العمر، وخصوصا في فترة الجامعة كنت أحس بفراغ شديد، لا أستطيع أن أستوعب وأقضي أكثر من أربع ساعات وأنا أدرس، وفي الأخير أجد نفسي لم أستوعب شيئا، وبعدها لم أعد أستطع أن أجلس وأدرس، فأنا لا أقدر وكانت تأتيني نوبة صراخ في الليل، وزادت بعد التخرج لم أعد أفكر سوى في العمل، لم أستطع تحقيق حلمي بالالتحاق بالعمل في مجال العمل الحكومي، وعملت في القطاع الخاص، ولكن لم تمض سوى سنتين حتى عانيت، حتى أنني لم أعد أمتلك أعصابي، وصرت أتعصب على أتفه الأسباب، وصرت كثير الشكاوى على زوجتي، بأنني أحس بالتعب الدائم، وأنني ليست لدي الرغبة في شيء، والانطواء على ذاتي.

وذات يوم وأنا في المسجد لم أستطع أن أتحمل صوت المقرئ، وخرجت من المسجد مسرعا في اتجاه الطبيب وعندما وصلت إلى المستشفى بدأت أصرخ "أنا أموت أريد طبيبا" ومن بعد جاء الطبيب، وقال لي: إنك لا تعاني من شيء زر طبيبا نفسيا، وعندما زرت طبيبا نفسيا وصف لي البراز وديروكسات استعملتها لمدة سنة، في الأول أحسست أني أتحسن، لكن من بعد لم يتغير شيء، بل صرت أخاف من المساجد والأماكن المغلقة.

لكن من بعدها قررت التحدي وأن أوقف كل شيء، وأواجه هذا الشيء نجحت لبرهة، لكن ما أن يتسلل إلى ذهني كثرة التفكير حتى أجد نفسي كثير الأعصاب، لا أريد أن أسمع بالليل أي صوت كيفما يكون، مجرد دردشة بسيطة تجدني كثير الأعصاب.

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جواد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: هذه الأعراض التي تعاني منها دليل على أنك تعاني من مخاوف – كما تفضلت – منذ الطفولة، وهذه المخاوف استمرت معك، وبالرغم من إكمالك للدراسة وتخرجك من الجامعة إلَّا أنك ظللت مُحبطًا وإمكاناتك ومقدراتك الاجتماعية محصورة جدًّا، وبصفة عامة فعالياتك حتى في الجانب الاجتماعي والجانب الأسري ليست مُرضية.

الآن أنت تعاني من هذه الانفعالات السلبية، وأنا أحس أيضًا أنه ربما يكون لديك شيء من عُسْر المزاج البسيط، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب.

حالتك إن شاء الله تُعالَج وتُعالج بصورة جادّة جدًّا، ومفيدة بحول الله تعالى، أولاً – أخي الكريم -: أنت رجلٌ حباك الله قطعًا بأشياء طيبة وحياةٍ فيها إيجابيات كثيرة، لا بد أن تتحسَّس هذه الإيجابيات وتسعى لتطويرها، لديك الزوجة، تخرجت، أنت تعمل، أنت في هذه الأُمة الإسلامية العظيمة يا أخي، أشياء كثيرة جميلة في حياتك، لا بد أن تُركّز عليها وتُقيِّمها تقييمًا صحيحًا، وتسعى لتطويرها؛ لأن التركيز على السلبيات فقط في الحياة يجعلنا نُصابُ بالإحباط.

وأريدك – أخي الكريم – أن تقرأ عن علم نفسي حديث نسبيًّا يُسمَّى (الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني)، الذكاء الوجداني مهمٌّ جدًّا مثل أهمية الذكاء الأكاديمي، ومن خلال الذكاء الوجداني – أو العاطفي – نتعرف على أنفسنا ونكتشف مقدراتنا ونستطيع بعد ذلك أن نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، والذكاء الوجداني أيضًا هو الوسيلة الوحيدة التي من خلالها نتعلم كيف نتعامل إيجابيًا مع الآخرين.

فيا أخي الكريم: اقرأ عن هذا العلم، فهو مفيد، وحاول أن تُطبق كل ما تجده من توجيهات فيه.

بجانب ذلك اجعل نمط حياتك نمطًا فاعلاً، وأنا أنصحك ولي وصيّة غالية جدًّا لك، وهي: ألَّا تتخلف عن واجب اجتماعي، الذين يقومون ويلبُّون الواجبات الاجتماعية هم من أسعد الناس ومن أفضل الناس، ويتمتعون غالبًا بصحة نفسية ممتازة، والواجبات الاجتماعية التي أقصدها – أخي الكريم -: أن تُشارك الناس أفراحهم، إذا دُعيتَ لدعوة عُرسٍ لا بد أن تذهب، أن تُشارك الناس أتراحهم، تمشي في الجنائز، تُقدّم واجبات العزاء، أن تصل رحمك، أن تزور المرضى، وأن تُرفّه عن نفسك بأشياء طيبة وجميلة، هذه أمور وواجبات مهمّة جدًّا.

وعلى النطاق العام أيضًا: لا بد أن تمارس رياضة، رياضة المشي ممتازة جدًّا، وحتى الرياضة الجماعية ربما تكون أفضل، مثل رياضة كرة القدم مثلاً، أخي: الصلاة في المسجد مع الجماعة تبعث الطمأنينة، وتجعل النفس آمنة مطمئنة، وذلك بجانب الثواب والأجر بحول الله تعالى.

فيا أخي: أنت تحتاج لأن تُغيّر نمط حياتك، تحتاج لأن تطور الذكاء الوجداني لديك، وهذه هي العلاجات الأساسية.

أمَّا الدواء فأنا أعتقد أن دواءً بسيطا مثل الـ (سبرالكس) سيكون مفيدًا بالنسبة لك، السبرالكس يُسمّى علميًا (استالوبرام) دواء ممتاز، غير إدماني، غير تعودي، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناول هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً