الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من أعراض مختلطة نفسية وجسدية، فكيف يتم علاجها؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري ٢٢ سنة، أعاني من آلام في الرقبة، عندما أحرك رأسي للخلف أحيانا أتشنج، وأيضا إذا تكلمت أو إذا عملت حركة سريعة، أجريت ٦ جلسات للعلاج الطبيعي، ولكن من غير فائدة.

وأحيانا أشعر بحرقان في أسفل الرأس من الخلف، وإرهاق، مع العلم أنني كنت في الفترة الماضية في حالة نفسية سيئة من وساوس، واكتئاب، وعندما يزداد القلق يزداد الحرقان، فهل هذه المشكلة نفسية أم عضوية؟ وما هي الفحوصات التي يجب علي إجرائها لكي يتم التشخيص؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

قطعًا النفس والجسد لا ينفصلان، هذه حقيقة، الأعراض التي تحدثت عنها أرى أن الجانب النفسي هو الذي أدى إلى هذه الانقباضات العضلية التي ظهرت في شكل آلام في الرقبة حين تُحرّكين الرأس للخلف، وظهرت أيضًا تشنُّجاتٍ مع الحركات السريعة، وأيضًا موضوع ظهور الحرقان أسفل الرأس: هذا كله ناتج من الانقباضات العضلية، طبعًا الإرهاق أكبر سبب له هو القلق والتكاسل والاكتئاب النفسي.

أنت تكلمت بوضوح أنك لديك شيء من الوسوسة والاكتئاب والقلق، وهذا قطعًا زاد من أعراضك الجسدية.

هذه الحالة نسمِّيها بـ (نفسوجسدية)، يعني القلق والتوتر مع شيء من عسر المزاج انعكس على أماكن معينة في الجسد، وأدى إلى هذه الأعراض.

أنا أنصحك – أولاً – بأن تقومي بإجراء فحوصات طبية عامّة، تتأكدي من مستوى الدم لديك، ومستوى السكر، ومستوى الدهنيات، ووظائف الكلى، ووظائف الكبد، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12) على وجه الخصوص أيضًا تُعتبر مهمّة. أنا على ثقة كاملة أن كل شيء -إن شاء الله- سوف يكون سليمًا، لكن هذه قاعدة طبية مهمّة وإجراءاها ولو كل ستة أشهر مفيد جدًّا في معرفة الحالة الجسدية للإنسان.

بعد ذلك من الضروري جدًّا وأنت في هذا العمر في بداية سن الشباب أن يكون لك آمال وطموحات، وأن يكون لك مشاريع في الحياة، كلُّ إنسانٍ يجب أن يكون له مشروع في حياته، من أجل أن ينجح، من أجل أن يتوازن نفسيًّا، من أجل أن يحسّ بفعاليته، ويحس أنه نافع لنفسه ولغيره، وكلُّ إنسانٍ يمكن أن يُبدع في مشروعه، مثلاً: تبدئي في مشروع حفظ القرآن، مشروع عظيم، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، وأهل القرآن مكانتهم عظيمة عند الله تعالى، يُكرمون بحفظهم ودرجتهم في عليين مع السفرة الكرام البررة، أو على الأقل حفظ ثلاثة أجزاء في الثلاثة أشهر القادمة.

تبدئي في برنامج رياضي، رياضة جادّة، كرياضة المشي مثلاً، أو أي رياضة أخرى تناسب الفتاة المسلمة، ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع، بمعدل ساعة في كل مرة.

مثلاً: أن تقترح على أسرتك جلسة أسرية، مرة أو مرتين في الأسبوع، تُناقش فيها أحوال الأسرة، تقرؤون فيها شيئًا من القرآن، كحلقة أسرية منزلية.

أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن يقوم بها الإنسان ليصرف انتباهه عن مثل هذه الأعراض النفسوجسدية. أنا أعتقد انشغالك بنفسك وانكبابك على ذاتك حتى إن لم يكن من خلال العقل الظاهري لكن من خلال العقل الباطني هو الذي أدى إلى ظهور كل هذه الأعراض.

ويجب أن تُحسني إدارة الوقت، الذي يُحسن إدارة وقته ويتجنب الفراغ الذهني والفراغ الزمني يحس بأن حياته متوازنة، وبأن حياته حياة صحيّة، وبأنه إنسان فعّال.

هذه هي المبادئ العلاجية التي يجب أن تنتهجيها، وكوني بارَّة بوالديك، وكوني فعّالة في أسرتك، القراءة، الاطلاع، مشاهدة البرامج التلفزيونية الجيدة، وكلُّ هذا يتأتَّى من خلال حسن إدارة الوقت، كما ذكرتُ لك سلفًا.

وفي نهاية الأمر: أنا لا أرى أن هنالك مانعا أن تتناولي أحد مُحسِّنات المزاج البسيطة، مثلاً عقار مثل (سيرترالين) والذي يُسمَّى (زولفت) وأيضًا يُسمَّى (لوسترال) ويُسمَّى أيضًا (مودابكس)، دواء بسيط جدًّا، يُحسِّنُ المزاج، يُزيل القلق والوسوسة، وأنت تحتاجين له بجرعة بسيطة، الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناولي نصفها لمدة عشرة أيام – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

كما ذكرتُ لك الدواء دواء سليم، وهذه الجرعة جرعة صغيرة جدًّا، حيث إن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة، الدواء لا يُسبب الإدمان، ولا يضرُّ بالهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً