الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي القلق وتوقع الأحداث قبل حدوثها، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت أعاني من مشكلة منذ بلوغي، ولكني بدأت منذ شهر تقريبا أنتبه أن هناك شيئا مرضيا؛ لأن حالتي تزداد سوءًا بمرور الوقت، ذهبت إلى الطبيب، فوصفني باضطراب القلق العام، وبدأ معي (البوسبار) تدريجيا حتى وصل إلى ١٠ ملج صباحا ومساء، أملي في الله كبير أنني سأشفى -إن شاء الله- على أيديكم بعد الله.

تتلخص مشكلتي في عدة نقاط: توتر مفاجىء بلا أي سبب واضح، وارتفاع في ضربات القلب إلى (١١٠)، رغم أن كل التحاليل سليمة، وتحدث النوبة في الأغلب عند الاستيقاظ من النوم، ولكنها يمكن أن تحدث في أي وقت من اليوم.

شكل آخر من المشكلة هو أن التوتر والقلق يحدث (بسبب) أفكار لا منطقية في نظري، ولكنها مستوحاة من الواقع الحقيقي، فهذه الأفكار تبدأ بسلسلة من القلق والتوتر وانتظار حدوث مصيبة.

ويوجد شيء آخر تأكدت منه مؤخرا هو أن النهار بصفة عامة يصيبني بحالة من القبضة وعدم السكينة، حتى وإن كنت لا أعاني من الأعراض التي أشكو منها، وكل شيء ينتهي بحلول الليل بعد العشاء فأشعر بالسكينة والهدوء، طبعا إن كنت داخل نوبة القلق فالنهار يجعلها مضاعفة حتى أنني لا إراديا عند ذهابي إلى أي مكان أغلق النوافذ وأفتح النور الصناعي (لم أكن أنتبه لهذا الفعل أبدا).

الخوف بصفة عامة هو خوف من وقوع المشكلة حتى وإن لم يكن لها وجود، مثال: في أحد المرات كان هناك شخص له عندنا أشياء وكانت نوبة القلق عندي، وعندما كلمته لم أستطع التنفس خوفا من أنه سيفعل مشكلة ولكن لم يحدث أي شيء، الأمر انتهى بكل لطف، فعندما تنتابني نوبة القلق لا أستطيع أن أجلس في مكان مغلق فأبحث عن الشمس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرًا على ثقتك في هذا الموقع.

أنا اطلعتُ على رسالتك، وجزاك الله خيرًا تفاصيلها واضحة جدًّا، وبالفعل أنت لديك نوع من القلق العام الذي يزداد أحيانًا، والمشكلة الأساسية التي تواجهك فيما يتعلق بهذا القلق أنه يحمل أيضًا السمات التوقعية، بمعنى أنك قد تتوقع أحداثا سلبية، وكأنك في تسابق مع نفسك متى سيحدث هذا الحدث؟ وهذا يُولِّدُ الكثير والمزيد من القلق، يعني: بمعنى أنه لديك يقظة نفسية عالية تجعلك منتظرًا لمشكلة ما.

هذا نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، وكما تعرف -أخي الكريم أحمد- أن القلق طاقة نفسية وجدانية مطلوبة، فالقلق هو الذي يُحسِّن لدينا الدافعية من أجل الإنجاز، القلق هو الذي يجعلنا نحسّ بمسؤوليتنا حيال أنفسنا وحيال الآخرين وحيال ما هو واجب علينا فعله، فهو مطلوب، لكن حين يزداد أو يحتقن أو يخرج من مساراته الإيجابية الطبيعية يتحول إلى طاقة نفسية سلبية.

العلاج علاج بسيط جدًّا، هذا العلاج هو أن يتفهم الإنسان طبيعة الحالة نفسها، ولذا كنتُ حريصًا أن أعطيك هذه المقدمة المتعلقة بشرح الظاهرة التي لديك.

الأمر الثاني هو: أن تُحسن إدارة وقتك، ألَّا تجعل الوقت هو الذي يقودك، إنما أنت تقود إدارة الوقت، تُحدد المهام التي تودّ أن تقوم بها، يكون لديك خارطة ذهنية يومية، أو حتى تكتب في (دفتر يومي) الأشياء التي سوف تقوم بها، وأطلق عليه (دفتر الواجبات اليومية)، ويجب أن تكون متنوعًا، يجب أن تكون متعددا، يجب أن يشمل كل شيء، تكتب فيما يتعلق بعملك، فيما يتعلق بتواصلك الاجتماعي، الترفيه عن النفس، ممارسة الرياضة، أداء الصلوات في وقتها، تجعل لنفسك خارطة يومية لما تودّ أن تقوم به وتنجزه، وبهذه الكيفية تكون قد وجّهت القلق في مساراته الصحيحة.

ثالثًا: القلق التوقعي يجب أن تهتمّ به ويجب أن تصرف انتباهك لفكرة مخالفة تمامًا.

رابعًا: ممارسة الرياضة مهمَّة جدًّا ومفيدة جدًّا، الرياضة تحرق القلق السلبي وتحوله إلى قلق إيجابي، وترفع كثيرًا من الكفاءة النفسية عند الإنسان.

أنا أنصحك بالتوازن الغذائي، وبالنوم الليلي المبكّر، هذا مهمٌّ جدًّا، وتجنب النوم بالنهار، وتجنب السهر إلى وقت متأخر من الليل، واحرص على العبادات – خاصة الصلاة في وقتها مع الجماعة – ويجب أن تكون شخصًا فعالاً في أسرتك، وتحرص دائمًا على التواصل الاجتماعي ... هذه هي الأشياء التي سوف ترتقي بنفسك، وتجعل هذا القلق يُحوَّلُ إلى قلق إيجابي وطبيعي.

بالنسبة للدواء: الـ (بوسبار) جيد، لكن أعتقد أنه وحده لا يكفي، أنا أعتقد تناول عقار مثل الـ (سبرالكس) بجرعة صغيرة، والسبرالكس يُسمَّى علميًا (استالوبرام)، وهو مضاد للقلق وللتوتر وللمخاوف، ويُحسِّنُ المزاج، وأيضًا مضادٌ للوسوسة.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجراما من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما – تتناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تناول عشرة مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، واستمر أيضًا على البوسبار كدواء داعم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً