الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بارة بوالديّ ولكنهما يعاملانني بقسوة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنتم ملاذي الأخير لأجد جواب لأسئلة كثيرة شغلت ذهني، وأنا عند حسن الظن بكم.

هل من حق الأم أن تقول لابنتها أنت سبب كل المشاكل التي أنا بها؟ وتحملها مسؤولية كل مشكلة تمر بها؟ (مع العلم أنها تفعل ذلك مع الابنة الكبرى دون الصغرى! مع العلم ان الابنة وبشهادة الجميع بما فيهم الأب مرضية لوالديها.

فهل يجزئ الصمت عن الرد لأذى الوالدين؟ وكيف يمكن للإنسان التخلص من الأذى النفسي من وراء ذلك؟ خصوصا وأن الابنة تتعمد التصرف كذلك فقط مع الوالدين احتراما لهم، أما شخصيتها مع الآخرين فهي حازمة وقوية ولطيفة وحكيمة غير متهورة.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Islamelimam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال والاهتمام، ونحيي تواصلك مع الموقع، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يرزقك برّ والديك، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

ليس من حق الأم قطعًا أن تجعل سبب ما يحدث هو أحد أبنائها أو بناتها، وهذه الطريقة في التفكير غير صحيحة حتى من الناحية الشرعية، فإن الأمور تحدث بتقدير الله تبارك وتعالى، والسبب وحده لا يؤدي إلى وقوع الشيء، لكن السبب مع تقدير الله تبارك وتعالى، ولو أن أهل الأرض أرادوا أن يضرُّوا إنسانا لن يضروه إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله عليه، ولو أرادو – كما في الحديث – أن ينفعوه لن يتمكّنوا من إيصال النفع إليه إلَّا إذا قدَّر الله ذلك النفع.

ولذلك أولاً نتمنَّى ألَّا تُردد الأم مثل هذه العبارات، ونتمنَّى منك أيضًا – أيتها الفتاة – ألَّا تقفي طويلاً أمام مثل هذا الكلام، لأن الوالدة تقوله بعصبية، وهو لا يُؤثِّر، ونسأل الله أن يُعينك على بِرِّها والاستمرار في الصبر عليها.

أمَّا الجزء الثاني: فالإنسان يُجازى بثوابٍ عظيم عندما يصبر على أذى الوالدين، وإذا علم أنه مأجور فإن هذا يُبعد الأثر النفسي، لأن لذّة الثواب تُنسي الإنسان ما يجد من آلام وما يجد من صعوبات وما يواجهه من عقبات، وقد أحسنتِ وأحسنت كل فتاة تصبر على والديها، تتجنب الرد عليهم احترامًا لهم، وهذا هو الأسلوب الصحيح، لابد أن نُحسن الاستماع، ثم بعد ذلك نصبر، ثم بعد ذلك نجتهد في إرضائهم، ولا يُؤثّر هذا الموقف أو تلك المواقف السالبة، ما ينبغي أن تُؤثّر على مستوى البر لهم.

لذلك ما تفعلينه أو ما تفعله أي فتاة وأي شاب يصبر على أذى والديه هو الصواب، هو الحق الذي ينبغي أن يُصِرَّ عليه ويحرص عليه ويثبت عليه مهما حصل، ونتمنّى من كل أبٍ وأمٍّ أن يعدلوا بين أولادهم، وأن يتجنبوا تردد مثل هذه الكلمات التي ربما يكون لها آثار نفسية، ونعتقد أنك في عمرٍ إن شاء الله يُؤهلك لتجاوز هذه المواقف.

واعلمي أن مكانتك عند الوالدة وعند الوالد رفيعة جدًّا وعظيمة جدًّا، ونحن نتكلّم بلسان آباء ونُدرك هذه المعاني، فأرجو ألَّا تُعطي الأمور أكبر من حجمها، وقومي بما عليك من البر، واعلمي أن البرَّ طاعة لله تبارك وتعالى، وأن كل مَن يقوم بما عليه من أبنائنا وبناتنا يقوم بما عليه، فلا شيء عليه أمام الله القائل: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا}، العلماء على أن هذه الآية في حق مَن يُحسن إلى والديه ولا يعترف الوالد أو الوالدة بإحسانه، عليه أن يمضي في الإحسان، لأن البر عبادة بينه وبين الله.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً