الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائرة بين والدي وبين زواجي وراحتي وقناعتي!

السؤال

السلام عليكم.

باختصار تقدم شاب لخطبتي، وهو على خلق، ودين، وذو سمعة طيبة، فسألوا أهلي عنه، ووجدوا أن الناس يمدحونه وعائلته، وأنهم محترمون وعلى خلق ودين، ولكن قالوا لهم إن لديهم عيبا وهو الأصل أو العرق، ولكن أنا اقتنعت بالشاب، وقلت لهم: أريده زوجا لي ما دام يخاف الله.

سألت الوالد قال لي: إنه موافق على الخطبة، وكذلك أمي موافقة، أتى ليتم الخطبة، واكتشفت بعدها أن أهلي طلبوا منه شروطا تعجيزية لكي يبتعد عني، ويقولوا لي هو الذي تركك، وبعد الخطبة بيومين جاءت أمي تقول لي: ارفضي الشاب وافسخي الخطبة، أنا لن أرضى عليه ولن أسامحك إذا تزوجتيه، فقلت لها أنت موافقة، فقالت لا لم أوافق عليه، صحيح أن الشاب متعلم وصاحب دين ولكنني لن أرضى عن عرقه، ولن تتزوجيه؛ لأنه لا يناسب عائلتنا، وأن الناس ستتكلم عليه، فقلت لها: أنا لا يهمني، أنا مقتنعة به والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) لم يقل النسب، فقالت لي: أنا يهمني أصله، ويهمني المجتمع وكلام الناس.

أمي تضغط على والدي وفجأة والدي تغير وقال لي: لن أقبل بالزواج من ذلك الشاب، مع أنه هو من قال لي إنه موافق عليه وراض عنه، ولكن من ضغوطات أمي بدأ يتكلم مثلها ويقول: (إن شاء لله ما تربحي وأشوف فيك يوم).

احترت فتقربت من الله واستخرت واقتنعت بالشاب أكثر، ولكن لا أعرف ماذا أفعل! هل أظلم نفسي وأتزوج مما يريدونه أهلي، أم أتوكل على الله وأتزوج الشاب الذي تقدم لخطبتي؟ حائرة بين والدي وبين زواجي وراحتي وقناعتي، أنا توكلت على الله وتركت الأمر لله يختار لي الخير، لا أريد أن أخسر والدي ولا خطيبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Renad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي والديك، ويهدي الناس إلى الحق والخير والصواب.

لا شك أن النظرة التي ينظر بها الوالد وتنظر بها الوالدة لا تُطابق ولا تُوافق الناحية الشرعية، وتوجيه النبوي واضح: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه))، والإشكال هنا أنهم ارتضوا دينه وخلقه وقبلوا به وأعطوه موافقة، ثم بعد ذلك بدلوا وغيروا هذه الموافقة!

على كل حال: ليس أمامنا إلَّا أن نتعامل مع الوضع بمنتهى الحكمة، ومسؤولية المتعلمين كبيرة في تغيير هذه العادات التي تُصادم شرع الله تبارك وتعالى، والتي تجعلنا نخسر الكثير من المعاني الجميلة والقيم التي جاء بها هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

إن كانت من وصية لك فهي: ضرورة أن تطلبي معونة الأعمام والعمّات والأخوال والخالات، والدعاة والعلماء والفضلاء؛ حتى يتكلموا مع عائلتك، مع والديك، فإن نجحوا في ذلك فهذا ما نتمنَّاه، وإن كانت الأخرى فأرجو أن تُحسنوا الاعتذار للشاب؛ لأنَّا لا ننصح بالسباحة ضد التيار في مجتمع يُفكّر بهذه الطريقة، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير وللشاب الخير.

وبالنسبة للشاب أيضًا عليه أن يُكرر المحاولات، وأن يأتي بأصحاب الوجاهات ويحاول، لعلَّ الله تبارك وتعالى أن يوفقه، لكن إذا تعذّر الأمر نحن نرجو أن تتفهمي هذا الوضع، ونتحمّل جميعًا مسؤوليتنا، كلُّ متعلِّم ومتعلِّمة يتحملون مسؤولياتهم في تصحيح مثل هذه الأفكار، وإزالة مثل هذه العادات التي تُصادم ثوابت هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً