الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سؤال بنت المطلقة عن أبيها

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي تتلخص بأنني مطلقة منذ أن كنت حاملاً بالشهر السادس، ومن بين أسباب الطلاق أن والد ابنتي لم يرغب بمولود أنثى رغم مستواه الثقافي العالي.

المهم أنني أعيش منذ طلاقي ببيت أهلي مع ابنتي، ووالدها لم يفكر يوماً برؤيتها، والآن هي بسن الخمس سنوات وأسئلتها بدأت تأخذ منحى السؤال عن والدها، ولحد الآن لا أعرف ما هي الطريقة المثلى لإخبارها إذا سألتني، وهل سنها هذا مناسب لإخبارها؟ وكيف أتعامل معها إذا أرادت رؤية والدها الذي لا يفكر بها مطلقا؟
أرجو أن تلقى أسئلتي هذه اهتمامكم.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Loujayne حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله أن يقدّر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويُعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إن من تكريم الله للإناث أن جعل أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من البنات، فعلّم الدنيا كيف تُكرم المرأة بيتاً وأماً وأختاً وزوجة، وكان نعم الأب لبناته شفقةً ورحمة، ولا عجب فإن الإسلام جاء فصحح الأوضاع الجاهلية التي يُصر بعض الجهلاء على التمسك بها، ولا أظن أن مجرد معرفة القراءة والكتابة بفتح البصائر مهما بلغ الإنسان، ولذلك فإن أسوأ أنواع الضلال ما كان عن علمٍ وأسوأ أنواع الجاهليات هي جاهلية المتعلمين كما سمّاها بعض العلماء المعاصرين.

شكراً لك على السؤال والاهتمام بمستقبل هذه الطفلة التي نسأل الله أن يُصلحها وينبتها نباتاً حسناً، ولا داعي للقلق، فإن حاجة البنت لأمها هي الأساس والجانب المهم، ونسأل الله أن يحفظك حتى تؤدي حقها وتسعدي بصلاحها.

لا مانع من بيان الحقيقة لها في الوقت المناسب، ونحن ننصحك بذكر الجوانب الإيجابية حتى تتربى على بر والدها، فإنه مما يؤسف له أن بعض النساء تربي أبناءها وبناتها على كراهية والدهم في حالات الطلاق، وأرجو أن تعلمي أن هذا الرجل رغم إساءته وظلمه فهو الوالد الشرعي للفتاة، وهي مأمورةٌ ببره والإحسان إليه، وستكوني أول المنتفعين من هذه التربية، فإن الله يجزى المحسنين إحساناً، ورغم أن هذا الكلام قد تظهر فيه صعوبة إذا تذكرنا تقصير الأب، إلا أن أهل الإيمان ينتصرون على حظوظ النفس، ويرفضون مقابلة السيئة بمثلها رغبةً في ثواب الله.

لا شك أن الأفضل هو أن تَعرف الفتاة هذه الحقيقة منك قبل أن تعرفها من غيرك، فيمكن أن تقولي لها أن بعض البنات مات آباؤهن وبعضهن والدهن لم يمت لكنه زعلان مع ماماً، والقرآن يقول إذا كثرت المشاكل وصعبت الحياة أحسن كل واحد يكون بعيد من الثاني، وأنتِ الآن ولله الحمد سعيدة وأنا لن أقصر معكِ وسوف تجدي كل شيء عندما تطلبينه ...ومثل هذا الكلام.

من الضروري أن يقوم إخوانك وأرحامك بتوفير جرعات من الاهتمام بهذه الطفلة، وإذا أصرت على رؤية والدها، وكان مكانه قريباً، فمن الأفضل إيصال مشاعرها إليه لعله يعطف أو يلين فيخرج من قسوته ويعود إلى صوابه ورشده، وإذا أعلن رفضه للإناث وأصر على عدم رؤيتها فلن يضرها ذلك كثيراً، ومن حقها أن تعرف الحقيقة، وسوف يندم على قسوته وتقصيره في حق هذه الطفلة، وسوف يُجازيه الرحيم بعدله في الدنيا قبل الآخرة .

لا يوجد على وجه الأرض من يفخر بمثل هذا الأب القاسي، ولست أدري هل هذا الرجل يُصلي ويقرأ القرآن، أم هو من أهل المعاصي والجحود والمنكرات؟!!

أرجو أن تجتهدي في تربيتها على الصلاح والصلاة، ولا تحزني، فإن كثيراً من أصحاب الهمم ربتهم أمهات صالحات، فكوني قدوةً حسنة لهذه الطفلة، واعلمي أن البنت تخرج صورة طبق الأصل لأمها كما يقال، ولذلك فليكن أول ما نبدأ به من تأديب أطفالنا تأديب أنفسنا، فإن أُعينهم معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسنا والقبح عندهم ما استقبحنا.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً