الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالفشل وفقدت الرغبة في كل شيء.

السؤال

السلام عليكم.

فقدت الرغبة في كل شيء، وفي الاستمرار، فأنا إنسانة ضعيفة وتافهة، وأفشل شخص على وجه الأرض، أكره نفسي جدا، طوال الوقت أشعر بتأنيب الضمير، والشعور بالذنب الشديد، وألوم نفسي على كل شيء، ليس لدي طاقة، غير قادرة على القيام بشيء أو اتخاذ أي قرار، لا أستمتع ولا أهتم بأي شيء، لا أتحدث ولا أرد على أي أحد، فقط أمثل أني بخير، توقفت حياتي، لم أكمل دراستي ولم أذهب للامتحانات النهائية.

أعاني من القلق والتفكير المفرط منذ الطفولة، ومزاجي متقلب، في بداية الحجر المنزلي كان مزاجي أفضل، ولدي أفكاركثيرة لدرجة لا أستطيع التفكير بفكرة واحدة، وكنت أؤمن أني سأكون أعظم شخص في مجالي، وأني قادرة على فعل أي شيء، وأن كل شيء على ما يرام، ولدي رغبة شديدة في تحقيق أهدافي، والعمل رغم ميلي إلى الالتهاء بسهولة والتشتت أو الملل، وعدم القدرةعلى التركيز.

أعتقد أنني غير قادرة على التغيير، غير قادرة على السيطرة على أفكاري ومزاجي، محاولاتي في السيطرة عليها فشلت، أصبحت لا أعرف من أنا، وما هي اهتماماتي وقدراتي الحقيقية، فأنا غير قادرة على التمييز بين الواقعي والخيالي، تفكيري غير منطقي، محتاجة لإعادة ضبط مصنع لأشعر أني شخص طبيعي، ضائعة ولا أستطيع التفكير في حل سوى أن أقتل نفسي، فأنا أكرهها، وكنت مقبلة على الانتحار، لكني خشيت الفشل حتى في الانتحار، وخوفي من عذاب الله، وقررت محاربة الفكرة، لا أعلم كيف سأعيش هكذا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mwada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتي العزيزة: الشيء الإيجابي في وصف حالتك أنك مدركة تماماً لكل ما تمرين به، وتذكرين بالتفصيل كل مشاعرك، وهذا بحد ذاته يُشكل نصف العلاج؛ حيث يبدو أنك لم توفقي باجتياز امتحان البكالوريا (الثانوية العامة) وهذا مما لا شك فيه سوف يؤثر على طريقة تفكيرك واحترامك لذاتك وتقييمك لإنجازاتك؛ وهذا جعلك تصفين نفسك بصفات الفشل، وجعلك أيضاً تفكرين بالانتحار.

فيما يلي مجموعة من الإرشادات التي سوف تساعدك -بمشيئة الله- على التخلص من مجموعة المشكلات المذكورة أعلاه:

- بالنسبة للشعور بالفشل وعدم القيمة: عليك أن تحبي نفسك لا أن تكرهيها؛ فهذا هو مفتاح حل بقية المشكلات، وحب النفس يكون بذكر محاسنها وإيجابياتها وإنجازاتها، ليس المقصود فقط الإنجاز في الدراسة، بل في الهوايات الشخصية، في الاهتمامات، في العلاقات مع الآخرين، فليس من المعقول أنه لا يوجد في شخصيتك أي إيجابية، لذا اعملي على الاهتمام أكثر بنفسك وتعرفي عليها وعلى إيجابياتها.

- ابحثي عن السبب الرئيسي الذي يقف وراء مشاعرك السلبية، إن معرفة السبب سيسهل عليك حل الكثير من المشكلات الفرعية.

- أعيدي تنظيم شؤون حياتك؛ فالفوضى واضحة جداً في وصفك للوضع الحالي، لذا ولكي تبدئي بإصلاح ذاتك عليك ترتيب أولوياتك من المهم إلى الأقل أهمية.

- أقترح عليك بالتقدم ثانية لامتحان الثانوية العامة، فالنجاح سوف يرسم لك طريقا واضحا تسيرين فيه، ويخلصك من مشاعرك السلبية، وإذا التحقت بالجامعة سوف تتخلصين من الانعزالية وآثارها السلبية الواضحة في حياتك.

- بالنسبة للميول والأهداف، لا يوجد شخص لا يعرف ميوله؛ لذا: عليك أن تحددي ميولك سواء كانت في اللغة أو في المهن العملية أو التقنية، والتحقي بإحدى الدورات المتخصصة، إضافة إلى استكمال دراستك الثانوية، فذلك سوف يساعدك على ملء وقت فراغك، وتحقيق ذاتك، والتواصل الاجتماعي مع الآخرين، واكتساب المعرفة التي ترغبين باكتسابها.

- بالنسبة لرغبتك بالانتحار: الموت لن يريحك؛ لأن قتل النفس حرام، واعلمي أن الخاسر الوحيد في النهاية من انتحارك هو أنت، عليك أن تكوني أكثر وعياً بظروفك وتتعاملي بواقعية، والانتحار من أكبر الكبائر، وقد قال الله جل وعلا: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) [النساء:29-30] وقال النبي: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة.

- من الأدعية العلاجية لإزالة الهم والغم، حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ( ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها).

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً