الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأني ظلمت ىإخوتي، فكيف السبيل للتكفير عن ذنبي؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا طالبة جامعية لدي أربعة إخوة، وأنا الأخت الكبرى.

المشكلة أني كأي طالب جامعي لدي أهداف عديدة قبل وبعد التخرج، ولكن هناك أفكار تأتيني أن الله لن يوفقني في تحقيق أهدافي طيلة حياتي لأني مذنبة في حق إخوتي، فقد ظلمتهم!

فوالدي ووالدتي كانا يهتمان بمتابعتي في الدراسة أكثر من إخوتي، وقضاء أوقات طويلة وأياما كثيرة في تحفيظي وشرح المواد الدراسية في سنين دراستي المدرسية والجامعية، فقد كنت ألح إلحاحا شديدا بأن يساعدوني أكثر من إخوتي، وبالتالي قل اهتمامهم بإخوتي في متابعة دراستهم، مع العلم أن أبي وأمي يعدلان بيننا في النفقة الدراسية وكل شيء يخص الدراسة، ولكن لا يعدلان بيننا فقط في الساعات التي يقضيانها معنا في المساعدة على تحصيل المواد، فأنا حصلت على أكبر مساعدة في تحصيل المواد والدعم النفسي أثناء الدراسة أكثر من إخوتي، فلذلك حققت حلمي بدخول الكلية التي أريدها بدرجاتي العالية، في حين دخلت أختي كلية أقل مني بسبب قلة درجاتها.

أنا الآن أشعر بالذنب، وأخاف من غضب الله، لذلك أخشى ألا يوفقني الله في تحقيق ما أريد طوال حياتي، فهل أكون هكذا ظلمت إخوتي؟ وكيف أكفر عن ذنبي؟ وهل تكفير هذا الذنب أن أساعد إخوتي الأصغر في دراستهم؟ مع العلم أني متزوجة ولدي دراسة جامعية، وسأسافر بعد التخرج، فمن الصعب مساعدة إخوتي لأن لدي مشاغلي الخاصة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عباد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً ومرحباً بك..
نشكر لك هذه المشاعرالتي تدل على أن فيك خيراً، وعلى أنك تحاسبين نفسك على التقصير وعلى ذلك الظلم لإخوتك..

مما لا ريب فيه أن العلاقة الأسرية تتمثل في المحبة والوفاق، وتقدير كل فرد لباقي إخوته، وفي التضامن الذي يقوم على محاربة الأنانية، وأن تعيشوا كالجسد الواحد يشدّ بعضه بعضًا في الأحزان والأفراح، يقول رسول الله عليه صلوات من رب رحيم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى شيئًا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)،"رواه مسلم" فهذا ينطبق على حال عامة المؤمنين، فما بالك بالإخوة الذين يعيشون في بيت واحد؟!

وعلاقة الأخوة من أقوى العلاقات على وجه الأرض؛ لأن الإنسان يشدد عضده بأخيه، فعلاقة الدم فطرها الله سبحانه وتعالى على الرحمة والمودة، والشرع أمر الوالدين بالتسوية بين الأبناء في الرِّعاية والعطية وسائر الشؤون، وفق وصيَّة الله لعباده؛ إذ يقول سبحانه: " يوصيكم الله في أولادكم".

ومما لا شك فيه أن بعض الأسر تقع في بعض الأخطاء التربوية المدمرة، وذلك عندما تركز اهتمامها كله على أحد أفراد الأسرة، خاصة إذا كان لديه بعض التميز سواء أكان ذلك من حيث المستوى العلمي أو الدراسي أو حاول فرض نفسه على أهله وهضم حقوق أخوته.

هذا الخطأ هو الذي وقع فيه والديك عندما ركزوا عليك ولم ينتبهوا أنهم يدمروا شخصيات أخرى قد تكون أفضل من تلك الشخصية التي يعطونها كل الاهتمام، وإنّ ما فعلته سابقاً لا يجوز، وأعتقد حينها أنك أسقطت نفسك في بحر من السلبية، وركزت على الأنا لديك.

وما تشعرين به اليوم من تأنيب ضمير وشعورك بأن الله لن يوفقك كما ذكرت ليس إلا صدى ما صدر منك سابقاً.

لذا أنصحك بما يلي:
- يمكنك تأجيل سفرك بعد التخرج والقيام بمساعدة إخوتك الصغار إن كانوا بحاجة إلى مساعدة ودعم منك وإن تأخر سفرك سنة.

- أصلحي ما بينك وبين الله تعالى يصلح لك الله ما بينك وبين الناس، وعليك بالمحافظة على الصلاة والسنن والصدقة قدر الاستطاعة.

- حسّني علاقتك مع الله سبحانه وتعالى، لأنه لن يفتح عليك أحد سوى الله، ولن يوفقك أبدًا إلا الله.

- كوني وسيطًا وحنونة، وكوني على مسافة واحدة من إخوتك وقريبة من مشاعرهم، وعادلة وموضوعية، واحترامي أسرارهم إذا ائتمنوك عليها، فأنت يا بنيتي في عمر النضج، ومتعلمة ومثقفة، وكل ما تعيشينه اليوم سيكون ذكرى.

أسأل الله لك الهداية والتألق والتميز، وأن يسود التآلف والانسجام حياتكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً