الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الصلاة في الصفوف الأولى وكيف يمكن علاجه؟

السؤال

أنا شاب عمري 24، كنت أحضر الصلاة في الصفوف الأولى من صغري في جميع الصلوات، وبعد فترة وأثناء صلاة الجمعة وأثناء خطبة الإمام كنت جالساً أستمع للخطبة، وعند الإقامة أردت النهوض للصلاة، ولكن قدمي كانت قد نامت (بالعامية) أي أصابها تنمل فسقطت في المسجد، ومن بعد هذه الحالة أصبحت أتأخر صفاً صفاً حتى لم أعد أستطيع الصلاة في المسجد الذي حدثت لي فيه الحادثة.

ثم آخر ما وصلت له هو أنني أصلي في آخر صف، وإذا صليت في الصفوف الأولى ولاحظت قدوم المصلين من خلفي، فيصيبني قلق وعرق شديد ورجفة وازدياد في نبضات القلب، ويأتيني وسواس بأني سوف أسقط، وأن فيّ مسًّا وأن قراءة الإمام سوف تؤثر فيّ، وهكذا.

في شهر رمضان هذا أعطاني أحد الإخوة ماء مقروءًا فيه، وتحسنت نسبياً، أصبحت أصلي الصلوات في أطراف الصفوف الأولى إلا صلاة الجمعة فلم أتحسن، مع العلم أني ذهبت لعيادات نفسية دون جدوى، أريد من الله ثم منكم نصحي وإرشادي.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مشعل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لقد وصفت أيها الأخ المبارك بصورةٍ مثالية كيف يمكن للإنسان أن يكتسب المخاوف؟

في بعض الحالات يكون السبب سبباً بسيطاً كالذي حدث لك وهو التنمل في القدم ثم السقوط، فقد كانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أوصلتك لحالتك الحالية، والتي هي في الواقع تُسمى بالرهاب أو الخوف أو الهرع الاجتماعي.

هذه الحالة يا أخي هي سلوك مكتسب، أي بمعنى أنه ليس وراثياً ولم تُولد ومعك هذه العلة، وعليه إذا أخذنا منطق الأشياء، فالشيء الذي يتعلمه الإنسان يمكن أن يفقده أيضاً عن طريق التعلم المعاكس، وهذه الحالات يمكن علاجها، خاصة وأنك من فضل الله تعالى من الذين يرتادون المساجد، وهذا شيءٌ عظيم في حد ذاته.

العلاج يتمثل في العلاج السلوكي، والذي يقوم على مبدأ الإصرار على مواجهة مصدر الخوف، وأرجو أن أؤكد لك بأن شعورك بالسقوط أو الرجفة أو أن الآخرين يراقبونك، أو أنك سوف تفشل أمام الناس ليس شعوراً حقيقياً مطلقاً، ولكنه دائماً يكون مصاحباً للمخاوف الاجتماعية، وهو الذي يؤدي إلى اهتزاز الثقة في نفسك، فأرجو أن تقدم، وأن تصر على نفسك أن تكون في الصف الأول، ويمكنك حين الشعور بالضيق أن تأخذ نفسا عميقا وببطء، فهذا -إن شاء الله- سوف يُريحك كثيراً.

الشيء الآخر: العلاج الدوائي، والذي سيكون مفيداً لحالتك بإذن الله، ويعرف باسم زيروكسات، فأرجو أن تبدأ تناوله بمعدل نصف حبة ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبةٍ كاملة، وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، تُخفض بعد ذلك إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عنه.

وهنالك دواء آخر مُساعد للزيروكسات، يعرف باسم فلونكسول، أرجو أن تتناوله بمعدل حبة واحدة (نصف مليجرام) نهاراً لمدة شهرين .

هذه الأدوية أدوية سليمة وفعالة ومجرّبة والحمد لله، وقد أدت إلى نتائج إيجابية وباهرة في مثل هذه الحالات.

أؤكد لك أيها الأخ المبارك أن مشكلتك مشكلة بسيطة، وسوف يتم التخلص منها بإذن الله، فقط عليك الإقدام، ومواصلة الصلاة في الصفوف الأمامية، ومع تناول الدواء سوف تجد بعد أسبوعين أو ثلاثة أن الخوف والشعور بمراقبة الآخرين لك أو أنك سوف تسقط، قد اختفى تماماً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً